في ذكرى اليوم الوطني لعل أول ما نتذكره في هذه المناسبة العظيمة هو الحرص على التمسك بشرع الله الحنيف في نظام الحكم والتعاملات. ولعل من أهم الدعائم الوحدة الوطنية التي أرسى قواعدها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه والالتزام بالاعتماد على الله ثم على أنفسنا في بناء الوطن، واستنهاض همم الشعب وطاقاته وتوجيهها للعمل المثمر البنّاء. لقد كنا أمة منسية في بوادي الصحراء ووديانها وأصبحت بفضل من الله دولة حديثة راسخة البنيان، وقوة اقتصادية عالمية وشريكاً لا يُستغنى عنه في الشئون الدولية، وأبناء الملك عبدالعزيز ممن تعاقبوا على الحكم من بعده ورثوا من والدهم المؤسس الحكمة وبُعد النظر والقدرة على تحمل المسئولية والغيرة على الدين والشعب والوطن.
وأقوى سلاح ممكن أن نواجه به كل التحديات هو الوحدة الوطنية المتمثلة في قوة التماسك الداخلي..
واليوم الوطني يذكِّرنا بأننا شعب على قلب رجل واحد وهذه هي المظلة الكبرى للمشروع الحضاري الكبير، فبالوحدة الوطنية حققت المملكة منجزات هائلة منها ترسيخ دعائم الحكم وأنظمته وتكريس الأمن والاستقرار الداخلي وحماية وحدة التراب الوطني. في ذكرى اليوم الوطني لعل من المناسب أن نعرج قليلاً على كتاب (ذكريات مع عاهل الجزيرة العربية) للأستاذ عباس محمود العقاد، يقول: «إن ابن سعود من أولئك الزعماء الذين يراهم المتفرِّسون المتوسِّمون فلا يحارون في أسباب زعامتهم وعظمتهم ولا يجدون أنفسهم مضطرين أن يسألوا لماذا كان هؤلاء زعماء؟ لأن الإيمان باستحقاق هؤلاء منزلة الزعامة في أقوامهم أسهل كثيراً من الشك في ذلك الاستحقاق». لقد تصادف أن كان يوم جلوس الملك عبدالعزيز 9 يناير 1946م وهو يركب البحر في طريقه لزيارة مصر، فكانت فرصة للعقاد أن يلقي بين يديه قصيدة عصماء:
أسدُ العرينِ يخوضُ غَـيْلَ الماءِ
يا بحرُ راضَك قاهرُ الصحراءِ
حيَّاه باديهـا وحاضرُها معاً
فاغنمْ تحيةَ يومِه الوضَّاء
إلى أن يقول:
ملكٌ أنافَ على العقولِ بعزمِه
وأتمَّ ذاك بما يراه الرائي
جمعَ المهابةَ في العيونِ وفي النُّهى
وسما بمجدِ أبوَّةٍ وإباء
هذا الكتاب، مقالات نشرها الأستاذ الكبير العقاد في الصحف المصرية عقب زيارة الملك لمصر، وكان العقاد ضمن بعثة الشرف المصاحبة للعاهل السعودي وقد جمع هذه المقالات وأعدها للنشر الأستاذ عامر العقاد بطلب من (دار الرفاعي للنشر والطباعة والتوزيع ) عام 1410هـ، وقد وجدت من المناسب الاستشهاد بشيء يسير من هذا الكتاب ابتهاجاً بهذه المناسبة الوطنية الكبرى (89) مشفوعة بالدعاء بأن يديم على بلادنا نعمة الأمن والاستقرار ويبارك في جهود قيادة هذا الوطن ليتبوأ المكانة التي يستحقها.