· بداية لا أظن أن أحداً يختلف معي في أهمية قضية البطالة وخطورتها، فهي إحدى أهم مشكلات العصر ذات الأولوية المرتفعة، والتي تعاني منها كل اقتصادات العالم تقريباً؛ وإن بتفاوت.. وخطورة البطالة ليست فقط في حرمان الشخص من مصدر رزق منتظر، وإنما في حرمانه بالضرورة من المشاركة الاجتماعية، بل حتى من الشعور بجدوى وجُودِه الإنساني، ولا أظنني بحاجة لسرد آثارها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية فهي معروفة للجميع.
· أقدِّر وأثمِّن كل الجهود التي بذلتها وتبذلها وزارة العمل من أجل حل هذه المعضلة (الاقتصاإنسانية).. لكن.. لأن البطالة بمفهومها الواسع ليست مهمة وزارة العمل وحدها، بل مسئولية المجتمع بأكمله؛ ومنه الإعلام الرسمي بوصفه شريكاً تنموياً وجزءاً مهماً من منظومة العمل الحكومي، فإن مشاركة الإعلام يجب أن لا تتوقف عند التوعية بأضرار البطالة والتحذير منها بل يجب أن تتجاوز هذا إلى رصد الأخطاء، وتقديم الرأي والمقترح، وإيصال صوت الطرف المتضرر، ونقل الصورة بأمانة كاملة للمسئول دون تهويل أو مجاملة.
· إن كتاباتنا وأحاديثنا شبه المستمرة عن مشكلة البطالة (ومنها حديث اليوم) تنطلق من مبدأين اثنين، أولهما اعتقادنا الجازم أنه لا يليق باقتصاد ضخم مثل اقتصادنا، وفي ظل دعم غير محدود؛ كدعم ولاة الأمر -يحفظهم الله- أن تكون لدينا مثل هذه الأرقام من البطالة.. الأمر الآخر هو إيماني التام بأن قضية البطالة مازالت بحاجة الى عمل إعلامي كبير ومكثف على مستوى التوعية المجتمعية، وكذلك على مستوى النقد الصادق والبنّاء لكل الأطراف ذات العلاقة بهذه القضية المؤرقة.
· إن ثقتي في وعي الأعزاء بوزارة العمل، ورغبتهم في إيجاد الحلول التي يمكن أن تخفّف من غلواء وآثار هذه الأرقام المتضخمة، ورفع معاناة مئات الآلاف من الشباب الباحث عن عمل تدفعني للقول بصوت واضح إن السبب الأكبر لتعاظم نسب البطالة في رأيي يأتي من القوانين المنظمة للعمل التي طرحتها الوزارة، فلا هي التي أنصفت الموظف والعامل ورغّبته في العمل، ولا هي التي حفزّت وشجعت صاحب العمل والمستثمر، بدليل ما يحدث من تحايل وتلاعب في هذه القوانين من قبل كل طرف لتحقيق مصالحه الشخصية مما يدل على عدم قناعته بهذه القوانين، الأمر الذي يُحتّم ضرورة مراجعتها وتصويبها لكي تحقق الهدف من سنّها وتشريعها.
·في ظل رؤية طموحة كرؤية سمو ولي العهد للمملكة ٢٠٣٠ يصبح العمل على تقليص نسب البطالة بين المواطنين وإشراك أكبر عدد منهم في التنمية، يعد واجباً وطنياً وهدفاً رئيساً يجب أن تسعى له كل الجهات ذات العلاقة (الحكومية /الخاصة / القطاع الثالث) بما في ذلك الإعلام الذي يستمد قوته من توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، بأن يبقى العين التي تراقب وترصد وتنقد كامل المشهد التنموي، وتحميه من الخطأ والزلل والتقصير.