أواصل بيان الأدلة التي تؤكد وضع الحديث المنسوب إلى عمر رضي الله عنه عن ما سُمِّيت بآية الرجم:
1- واضعو الأحاديث لم يجدوا مفرًا من الاعتراف بأنّ كلمة الشيخ تدل على الرجل الطاعن في السن، ولا تدل على الرجل الشاب الثيب، فنجدهم تارة ينسبون إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه أنّه قال: «ألا ترى الشابيْن الثيبيْن يرجمان»، كما جاء في سنن البيهقي كتاب الحدود؛ باب: (ما يستدل به على أنّ السبيل هو جلد الزانيين ورجم الثيب). وتارة ينسبون إلى عمرو بن العاص أنّه قال: «ألا ترى أنّ الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم، وإذا لم يحصن جلد وأنّ الثيب إذا زنى وقد أحصن رجم» كما جاء في مسند أحمد.
ومرة ينسبون هذا القول إلى عمر رضي الله عنه، كما جاء في صحيح مسلم وسنن الدارقطني وابن ماجه، وابن حنبل، وفي سنن البيهقي (كتاب الحدود؛ باب: ما يستدل به على أن جلد المائة ثابت على البكريْن الحُريْن ومنسوخ عن الثيبين، وأنّ الرجم ثابت على الثيبيْن الحُريْن)، والذي من رواته يحيى بن سعيد الذي جاء عنه في «تهذيب التهذيب» للعسقلاني أنّه مدلس.
2- والحديث من حيث الإسناد: فيه حرملة بن يحيى، قال أبوحاتم لا يُحتج به، وقال ابن عدي: سألت عبدالله بن محمد الفرهاذاني أن يحدثني عن حرملة، فقال: حرملة ضعيف. وسفيان بن عُيينة أحد الثقات الأعلام، أجمعت الأمة على الاحتجاج به، وكان يدلس، وقال أحمد بن حنبل :»أخطأ في نحو عشرين حديثًا عن الزهري، وهناك من قال عنه اختلط قبل وفاته بسنة.
وهكذا نجد الحديثيْن اللذيْن أوردهما معدو منهج مادة التفسير وأصوله لثالث ثانوي (أدبي) للعام الدراسي 2018، 2019 موضوعيْن لمخالفتهما القرآن، وأساسًا لا يوجد نسخ في القرآن، ولا يوجد رجم في الإسلام، فقد نسخ القرآن بآية الجلد الرجم في شريعة موسى عليه السلام، وما رواه البخاري في جامعه الصحيح عن عبدالله بن أوفى أنّه سئل عن الرجم. هل كان بعد سورة النور أم قبلها؟ فقال: «لا أدرى». فمن المحتمل جدًّا أن تكون عقوبة الرجم قبل نزول آية النور التي نسختها، ثمّ إنّ الحديث الذي اعتمدوا عليه -كما قال الإمام محمد أبوزهرة- وقالوا: إنّه كان قرآنًا ثم نسخت تلاوته وبقى حكمه أمر لا يقره العقل، لماذا تنسخ التلاوة والحكم باقٍ؟، وما قيل: إنّه كان في صحيفته فجاءت الداجن وأكلتها لا يقبله منطق. إضافة إلى عدم وجود حديث نبوي عن آية الرجم، وكل الروايات عن النسخ لم يقلها الرسول الكريم. أمّا أحاديث الرجم الواردة في الصحيحيْن كحديث رجم ماعز بن مالك بروايات عديدة، عند تأملها نجد بعضها يناقض البعض الآخر، ففي باب من اعترف على نفسه بالزنا في كتاب الحدود لمسلم ثلاث روايات متناقضة، ففي رواية أبي هريرة جاء ماعز بنفسه إلى رسول الله فقال يا رسول الله: إنّي قد زنيت، وفي رواية ابن عبّاس أنّ رسول الله سأل ماعزًا: أحق ما بلغني عنك، قال وما بلغك عني، قال بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان، قال نعم، وفي رواية ثالثة شهد على نفسه مرتيْن، عن سماك بن حرب قال سمعت جابر بن سمرة يقول: «أتى رسول الله برجل قصير أشعث ذي عضلات عليه إزار وقد زنى، فرده مرتين، ثم أمر به فرجم».
هذا الاختلاف في الروايات يدل على اضطرابها، والاضطراب من علامات ضعف الحديث، (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرًا).
أمّا من حيث الرواة، فنجد فيه وهب بن جرير وهو من رواة البخاري الذين طعن فيهم الدارقطني.
وفيه جرير بن حازم الأزدي والد وهب، قال في التقريب: وله أوهام إذا حدّث من حفظه، وجاء عنه في تهذيب التهذيب: «وقال مهنا عن أحمد: جرير كثير الغلط».
وكذا الحال بالنسبة لحديث الأعرابييْن، فهو مخالف للقرآن الكريم من حيث المتن، ومن حيث الإسناد رواته فيهم ضعف، أمّا عن أحاديث رجم الغامدية فهي متناقضة. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يُدرّس لأولادنا النسخ في القرآن الكريم، ولم يسبق إقراره في مناهجنا الدراسية؟!.