* كلما شاهدت أحد الإخوة العرب وهو ينافح في وسائل الإعلام الكبرى عن بلادنا، عاودني ذات التساؤل القديم الجديد: أين إعلاميونا وصحفيونا ومثقفونا عن هذا الواجب المقدس الذي يقع -في رأيي- ضمن دوائر (فرض العين)، خصوصاً في هذا الوقت الذي تزداد فيه شراسة أكاذيب إعلام الكارهين والحاقدين على بلادنا، صحيح أن المملكة العربية السعودية هي بلاد المسلمين والعرب كافة، والدفاع عنها من أي مسلم هو أمر غير مستغرب، خصوصا وأنه دفاع عن حق بيّن وظاهر، غير أن امتلاك (العقيدة) أمر مهم جداً في أي حرب (ومنها الحروب الإعلامية)، وهذا ما لا يمتلكه الكثير من الأخوة العرب الذين انبروا مشكورين للدفاع عن المملكة، فضلاً عن أن مَن رأى ليس كمَن سمع.. ولا أحد يعرف خبايا الدار أكثر من أهله، كما قال أهلنا قديماً.
* أتفق تماما مع رأي الزميل الأستاذ إدريس الدريس في مقاله العكاظي (الأحد 13 أكتوبر) من أن كثيراً من مشاكل السعودية والسعوديين خارج الوطن هي نتاج للجهل بنا وسوء الفهم عنَّا، لأننا لا نزال لا نُحسن تقديم أنفسنا إلى الآخرين، ولا نُحسن توظيف قوتنا الناعمة في السينما والدراما والسياحة.
كما اتفق معه في وجوب صناعة متحدثين بارعين وحاضري البديهة يُحسنِّون الاستعداد والتحضير والخروج على العالم في اللقاءات التلفزيونية والمؤتمرات الصحفية، فيدفعون التهمة بالحجة المقنعة والردود الوافية والشافية، فليس من المعقول أننا خلال ثلاثين سنة لم نُقدِّم سوى اثنين أو حتى ثلاثة أو أربعة سعوديين مؤثرين (مثل الأمير سعود الفيصل والقصيبي والجبير)، هم الذين تولوا مخاطبة العالم الغربي بنفس لغته وأدواته التي يفهم بها؟!
* الإعلام رسالة تنوير، لا تقف عند حدود الداخل فقط، بل يجب أن تتجاوزه إلى تنوير الخارج أيضاً، خصوصاً فيما يتعلق بصورتنا التي يُحاول البعض تشويهها بشتى الوسائل، كما أنه -وأعني الإعلام- علم وفن وتدريب وممارسة، لهذا تبرز الحاجة إلى صناعة (جيل متكامل) من الإعلاميين، الذين يتميزون بقدرات عالية من المهنية والمصداقية والذكاء والقدرة على الإقناع، مع حد أدنى من الثقافة والعلم والاطلاع.. فللإعلام ألاعيبه وفخاخه التي يجب التنبّه لها، ومنها استدراج ضيوف (غير مؤهلين)، وإسباغ الألقاب الكبيرة عليهم، ثم مفاجئتهم بأسئلة حدّية تفرض عليهم إجابات معينة، تصل بالمتلقي إلى نتيجة محددة، وتعزز الأيدولوجيا التي يتبناها ذلك الإعلام تجاه حدث معين!.
* باختصار نحن بحاجة إلى تكوين جيش إعلامي قوي ومؤهل للدفاع عن المملكة، والذب عنها إعلامياً.. بدلاً من نظام (الفزعات)، والاجتهادات غير المدروسة التي يمارسها البعض، والتي تكسر في أحيانٍ كثيرة من حيث تريد أن تجبر، فتسيئ للمملكة من حيث تريد أن تحسن، على طريقة النيران الصديقة!.