Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الاستشراف وما يفعل

A A
نولد في هذه الحياة فارغين من كل شيء، ثم نبدأ تدريجياً في حجز مقاعدنا داخل المجتمع الذي وُجدنا فيه، وإن تكوين الفطرة مرتبط بكل مجتمع ومختلف بالطبع من مجتمع لآخر، فنجد أن تلك الأمور التي تُعد من رواسخ الفطرة المستقيمة في مجتمعنا الشرقي مغايرة تماماً عن تلك في المجتمعات الغربية.

ليس هناك من يشكك في حقيقة أن مجتمعاتنا العربية لديها الكثير من المعتقدات والعادات البغيضة التي توارثتها الأجيال واعتبرتها مُسَلَمات لا خطأ فيها ولا يجوز الحياد عنها.

وإن الكثير من الأمور المتعلقة بالعِرضِ والشرف ما هي إلا ترهات وخزعبلات؛ اعتقدها البعض وأصبحت قناعات لديهم، يسمحون لأنفسهم بارتكاب الجرائم الشنيعة تحت مسمى غَسل العار.!

عندما قرأت حادثة مقتل إسراء غريب، لم أتعجب كثيراً ولكن في الحقيقة تساءلت: أيُ استقامةٍ تلك التي تجعل المرء يضرب ويقتل مع سبق الإصرار في إخفاء جريمته؟ أيُ رداء شرف ذاك الذي تتحدثون عنه وهو بريءٌ منكم؟.

ثم أنه قد ساوى الله بين الجنسين في أصل الجزاء، فلماذا يقتصر عراكم على جنسٍ دون الآخر.!

لا يمكن أن نسمح بأن يكون الشرف والعِرض ممسحة تستخدمونها لمحو كبائركم، وإن الاستشراف الذي تدعونه لن يخفي حقيقة ساديتكم وانخرام معتقداتكم التي آمنتم بها دون فقهٍ أو بضع عقل يُحِقُ لكم آدميتكم.

بدأت القصة عندما أصبحت جرائم الشرف مقننة وعقوباتها ركيكة وذلك إن وُجدت، ولكن إن كانت التقاليد المتوارثة قد وضعتها عقول أمية لم تقرأ لتَعْقِلْ، فإن الأحكام القانونية لتجريم ومعاقبة هذا النوع من الجرائم قد وضعتها عقول متفكرة، قد عاصرت الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة التي سمحت لكل قاصٍ ودانٍ بأن يَطَلِع ويعرف، فينبغي أن تكون التشريعات والأحكام في مثل هذه القصص صارمة وحازمة جداً؛ تردع المستشرف الذي أعياه الفِكر المريض ونَصَّبَ من نفسه قاضياً يصدر أحكاماً وينفذ بمنتهى الأريحية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store