يبدو أن بعض السُّلوكيات «السّامّة» غير الصّحية مُنتشرةٌ بصورة كبيرة، وقد يُلاحظها أحدهم في غيره، لكنه لا ينتبهُ لها حين يقوم بها، وقد تتسبّب في جروحٍ غائرة في نفوسِ الآخرين يصعبُ شفاؤها.
* التأنيبُ المستمر، والانتقاد الدائم، وهو سلوك بعض الآباء والمعلّمين مع الأبناء والطلاب، ويأخذ صوراً تدلُّ على عدم الارتياح من تصرُّفاتهم ومظهرهم وكلامهم، ويبعثُ على تحطيم المعنويات، ولا يساعدُ على تحسين تصرّفاتهم، إذ من المفترض مُراعاةُ الأوقات والنفسيّات، واحترامُ الخصوصيّات وتفهّم اختلاف الأجيال، وطرح الاقتراحات بشكل مُهذّب يُساعد على تقبّل التوجيهاتِ وتعديل السلوك.
* التعبيرُ عن العَدائية بشكلٍ غير مُباشر، وهو ما يُسمى «السُّلوك السّلبي العُدواني»، ومن ذلك السُّخريةُ من أحدهم بحجّة المِزاح، أو انتقادُه أمام الناس بُغية إحراجه والانتقام منه، والادّعاءُ بنُصحه وانتهاز الفرصة لإحراجه، وكلّها من مساوئ الأخلاق واضطراب السلوك، والأولى التحلّي بالشجاعة اللازمة ومناصحة الشّخص بأدب (في حال الضرورة) أو اعتزاله، والترفّع عن الانحدار في مُستنقع السُّخرية والغِيرة المَرَضية، وأظن أنّ هذا الأسلوب العَدائي (تلقيح الكلام) مُنتشر بكثرة بين معشر النساء!.
* السلبية المفرطة، وإظهار الشكوى المستمرة، وإبداء الامتعاض دوماً، وتهويل الأمور البسيطة، وتشتت التركيز والانتباه عن الأوليات، وهو قد يكون إشارة إلى الإصابة بالتوتر والقلق والإحباط والاكتئاب، ويستدعي في هذه الحالة استشارة مختص لأخذ النصيحة واقتراح العلاج المناسب.
* سلوك «اضطراب الشخصية النرجسية»، المُتمثّل بأنانيةٍ مُفرطة، وانتهازية مَقيتة، وخيالاتِ العَظَمة، والهوس بالسّيطرة والتحكّم والتميّز، مع انعدام الشُّعور بالذنب أو الحاجة للاعتذار، فضلاً عن إلحاح الشُّعور المَرضي بمدح النفس وجذب الانتباه، فالمُصاب به في علاقةٍ غرامية مع نفسه بصورة مُثيرة للغثيان، وهو اضطرابٌ يصعبُ -أو لا يُمكن- علاجه، ومن الأفضل اعتزالُ الشخص المُصاب به، وتجاهلُه قدْر الإمكان.
* التقليلُ من آلام الآخرين، فعوضاً عن إبداء تعاطفٍ حقيقي معهم وتفهّم مُعاناتهم وجبـْر خواطرهم، يقوم أحدهم بالاستخفاف بها، وترديد عباراتٍ مستفزّة مثل: «لا عليك الأمر بسيط، لا تهوّل الأمور، لماذا أنت بهذه الحساسية!» والأسوأ، إظهار «التشفّي» بقوله: «ألم أقل لك»!!. تذكُر كُتب السِّيَر أن امرأةً من الأنصار دخلتْ على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حادثةِ الإفك، وبكَت معها كثيراً دون أن تنطقَ بكلمة، قالت عائشة: «لا أنساها لها»... أحياناً، جبـْر الخواطر بأن تكون مُشاركاً مُتعاطفاً موجوداً موجوعاً، فحسْب!.