· أثناء سيره نحو مكتبه لاحظ الموظف وجود قشرة موز على الأرض.. وكردة فعل طبيعية انحنى لالتقاطها وإلقائها في سلة المهملات، لكن مسئول الموارد البشرية أمسك بيده قائلاً: هل يدخل هذا ضمن وصفك الوظيفي؟ وهل انت مؤهل لفعله؟!.. أجاب الموظف: لا.. لكنه فعل خير إيجابي .. قال مسئول الموارد: سنرسلك في دورة تدريبية لتتعلم الطريقة الصحيحة لانتشال قشور الموز، ولتأخذ شهادة معتمدة بذلك!. بعد حصوله على الشهادة عاد الموظف (الخيّر) لانتشال الموزة فأوقفه هذه المرة موظف الجودة قائلاً: الموضوع ليس بالسهولة التي تتخيلها، لدينا إجراءات جودة يجب احترامها.. ادخل على موقع الشركة؛ واملأ النماذج الثلاثين المطلوبة قبل أن تلتقط الموزة!. وبعد أن أكمل المطلوب، عاد الموظف لينتشل الموزة (العصية)، لكن المدير العام هو من أوقفه هذه المرة: عفواً لقد أمرنا بتشكيل لجنة لدراسة قضية الموزة وعليك الانتظار!. وبعد وقت غير قصير خرجت اللجنة (الموقرة) بتقرير من 500 صفحة يوصي ببناء سلم جانبي، وتعيين موظفين لتغيير مسار المشاة بعيداً عن قشرة الموز!.
· الطرفة (الغثيثة) السابقة هي سخرية (كاريكاتورية) من البيروقراطية الجديدة التي عادت لنا تحت فلسفة الجودة والتخطيط والسلامة؛ فأغرقت الكثير من المؤسسات والمنظمات وأعاقتها عن الإنتاجية تحت دعاوى التنظيم واحترام التخصص.. والأدهى أن هذه المفاهيم طالت حتى حياتنا العامة؛ وأعمال الخير البسيطة فيها.. فأفقدتنا الكثير من روح المبادرة الإيجابية، وقيدت نظرتنا الخيّرة تجاه الكثير من الممارسات والأفعال.. ولم تعد حياتنا ببساطة الحياة التي عاشها آباؤنا وأجدادنا ولا بخيريتها.. صحيح أن واقعنا اليوم به الكثير من الصعوبات، لكن هذا لا يعني أن نستسلم للسلبية.. فالخير جزء من الفطرة الإنسانية السوية ومن رسالته الأعظم في إعمار الأرض.
· ينقل ستيفن كوفي في كتابه (العادة الثامنة) عشر وصايا مهمة لحياة إيجابية تفعل الخير ولا تهتم بردة الفعل.. اخترت منها:
1- إذا فعلت الخير سيتهمك الناس بأن لك دوافع أنانية خفية.. لا تهتم وافعل الخير على أية حال .
2- الخير الذي تفعله اليوم سوف ينسى غداً.. لا تهتم وافعل الخير على أية حال .
3- أعظم الناس الذين يحملون أعظم الأفكار يمكن أن يوقفهم أصغر الناس الذين يملكون أصغر العقول ..احمل أفكاراً عظيمة على أية حال .
4- الناس في أمس الحاجة إلى المساعدة لكنهم قد يهاجمونك إذا ساعدتهم.. ساعدهم على أية حال.
5- إذا أعطيت العالم أفضل ما لديك سيرد عليك البعض بالإساءة. أعط العالم أفضل ما لديك على أية حال.
· أخيراً.. يمكنك أن تكون إيجابياً مهما كانت قدراتك، فعظمة العمل الخيري تكمن في بساطته وسهولته.. افعل الخير على أية حال.. واجعله لوجه الله تعالى.. وتأكد أنك لن تسلم من اتهامات الناس مهما فعلت.