يبدو من بعض الأبحاث والإشارات العلمية، أن الصّحة العُضوية مرتبطة بِسِمات الشّخصية وأنواعِها، وأن ما يجري عادةً في تفكير الإنسان، قد يؤثّر في سلوكياته الصحية.. فعلى سبيل المثال، تتمتّع الشخصية المُنفتحة أو المُنطلِقة (إكستروفيرت)، بنظام مناعةٍ أقوى من غيرها، وقدرةٍ أعلى على مقاومة الالتهابات والعدوى، وهذا قد يحمي أصحابها من الإصابة بالالتهابات الفيروسية كالبرد والزكام.
ويتميّز أصحابُ الشّخصية الانطوائية (إنتروفيرت) باللجوء للعزلة وقلة الاجتماعية، مما قد يجعلهم أكثر عُرضةً للإصابة باضطراباتِ المزاج بحسب بعض الآراء، كما يتأثّر جهازهم المناعي سلْباً ويتعرّضون أكثر من غيرهم للعدوى، لكن يبدو أنهم أكثر احتمالاً للحرمان من النوم، نظراً لمستويات إثارةٍ أعلى في قشرة الدماغ لديهم.
أمّا أصحاب الشّخصية النرجسية، الذين يتميّزون بالإفراط في حبّ الذات على حسابِ مشاعر الآخرين، واستغلال غيرهم بشكلٍ قبيح، فيميلون أكثر للتعرّض لأمراض القلبِ والشرايين، نتيجة فرط تعرّض أعضائهم لمستويات عالية من هرمونات التوتّر (كالكورتيزول) بصورةٍ مستمرة.. ويميل المُتفائلون إلى النظر للنصف المُمتلىء من الكأس، ويعتمدون النظرة الإيجابية في تعاملاتهم وأفكارهم، ويتخيّلون مُستقبلاً أجمل، وهذا بشكلٍ عام يُساعد في الحماية من أمراض القلب وخطرِ الوفاة المُبكرة، ولعلّ ذلك مُرتبطٌ باتباع أصحاب الشخصية المتفائلة نمط حياةٍ صحي (كالرياضة البدنية) مما يحدّ من مستويات الالتهابات في أجسادهم.
ويبدو أن الشخصية التشاؤمية ذات الامتعاض المُفرط، مُرتبطةٌ بقلّة الاهتمام بوسائل الصّحة العامة، وضعفِ الالتزام بتناول الغذاء الصحي والعلاجات الدوائية، وعرضةٌ للإصابة باضطرابات النوم، لكن من جهة أخرى، يبدو أن ذوي النظرة التشاؤمية الذين يتوقّعون أسوأ النتائج، هم أكثر اهتماماً بصحّتهم ويعيشون أطول من غيرهم، نظراً لأخذهم الاحتياطات ضدّ الأمراض والحوادث، وحرصهم على تجنّب السّلوكيات الصحية السيئة، وهو ما قد يُطلق عليه وصف: «التشاؤم الإيجابي».
وتتميّز الشخصية الاندفاعية المُتهوّرة، بالتورّط في نشاطات غيرِ صحية مثل التدخين المُفرط، وقيادة السيارة بطيش واستهتار، وتناول الكحول وإدمان المواد المخدّرة، وعلى الرغم من حبّها للظهور والبقاء في مركز الاهتمام، إلا أنها تتميّز بسطحيةٍ وانفعاليةٍ متذبذبة.
أما أصحاب الشخصية العَدائية، فلديهم فائضٌ كبير من الغضب النفسي، مما يرفع من خطر إصابتهم بالصّداع النصفي، ومعاناتهم من اضطرابات الهضم والشّره المرَضي، وأمراض شرايين القلب وارتفاع ضغط الدم ومرض السُّكّري من النوع الثاني.