كان أول أمس الأحد بمثابة يوم تاريخي في مسيرة الاقتصاد السعودي عندما تم الإعلان عن تسجيل وطرح شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) جزء من أسهمها للاكتتاب العام، فقد أعلنت هيئة السوق المالية السعودية موافقة مجلس إدارتها على ذلك الطرح، وسيتم نشر نشرة الإصدار قبل موعد بداية الاكتتاب، بحيث يمكن للمستثمر الاطلاع على المعلومات والبيانات التي يحتاج لها قبل الاكتتاب، بما في ذلك البيانات المالية للشركة ونشاطها وإدارتها، كما قامت الهيئة بالاستعداد منذ وقتٍ مُبكِّر لهذا الحدث التاريخي، وذلك برفع مستوى البنية التحتية والتقنية، لاستيعاب الإقبال الضخم والكبير المتوقع على الطرح، والذي وصفته وكالة (بلومبرغ) الأمريكية بأنه «أهم حدث في تاريخ الاقتصاد العالمي»، مشيرةً بأنه قد يساهم في تغيير شكل الاقتصاد في العالم.
كان حُلماً، تحدَّث به سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان قبل حوالى ثلاث سنوات عندما قدَّم رؤية المملكة 2030، وها هو الحلم يصبح اليوم حقيقة، وها هي مبادرات التحول الوطني 2020 تصبح واقعاً، ويتحقق أكبر اكتتاب في تاريخ العالم، والذي سيُساهم في إحداث نقلة نوعية لأكبر منتج ومصدر مستقل للنفط الخام في العالم، والذي يضمن أيضاً إمدادات الطاقة العالمي بقدرة إنتاجية تصل إلى 15 مليون برميل في اليوم، ما يُشكِّل حوالى 10% من النفط في العالم، وبنتائج مالية فلكية في عام 2018م، إذ وصلت أرباحها إلى 224 مليار دولار، كما حققت أرباح خلال النصف الأول من هذا العام 92,5 مليار دولار.
مثل هذا الطرح العالمي والتاريخي يُرسِّخ قواعد الشفافية والاستقرار، كما يُعزِّز مكانة سوق الأسهم عالمياً، ويزيد الثقة فيه، ويُعدُّ هذا الطرح من أدوات التمويل والاستثمار للأفراد والشركات، وهو من الفرص الاقتصادية المميزة، والتي ستنعكس على الاقتصاد السعودي، إذ ستساهم في زيادة الدخل القومي ودعم الناتج المحلي كما تدعم الخصخصة من خلال نقل جزء من ملكية المشاريع العامة للقطاع الخاص.
يأتي هذا الطرح العالمي ليُؤكِّد متانة الاقتصاد المحلي من جهة، وثقة المؤسسات العالمية في إدارة المملكة لشؤونها الاقتصادية من جهة أخرى، خصوصاً في ظل الإفصاح المعلن من قبل شركة أرامكو عن أرباحها الضخمة، والمدعومة بتصنيف ائتماني مرتفع، وستُساهم السيولة الكبرى الموجودة في البنوك لتغطية هذا الاكتتاب وتمويله، نظراً للملاءة المالية العالية التي تتمتع بها، ممَّا سيُساهم في إحداث نقلة نوعية تاريخية وغير مسبوقة في السوق المالية السعودية، كما سيُساهم ذلك الاكتتاب في جذب المستثمرين من كل أنحاء العالم للاستثمار في هذه الفرصة التاريخية.