موجة من الجدل؛ اجتاحت الأوساط التربوية بعد إعلان هيئة تقويم التعليم عن نتائج الاختبارات الوطنية التي أظهرت وجود تدنٍ كبير في نتائج الطلاب، وأنهم لا يزالون دون المستوى المطلوب!! وذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس هيئة التقويم د. أحمد العيسى -الوزير السابق للتعليم-، مما أثار حفيظة وزير التعليم الحالي د. حمد آل الشيخ، والرد جاء صريحًا: «بأن نتائج ضعف المستوى يعود إلى وقتٍ مبكر ومنذ عام 2015، حينما أُجريت الاختبارات الدولية لعدم وجود منظومة إصلاحات تعليمية حقيقية خلال السنوات الماضية، أو المحاسبة عليها.. لذا كان من الطبيعي أن تظهر نتائج الاختبارات الوطنية 2018م مُكمِّلة لما تم الإعلان عنه دوليًا». بل استشرف معاليه المستقبل وقال: «إن اختبارات PIZA التي ستُعلن نتائجها في ديسمبر 2019 ستُعبِّر عن فاقد عالٍ في سنوات التعليم».
وحقيقةً، وبعيدًا عن ذلك التراشق الإعلامي، فإن أخطاء إستراتيجية لحقت بالتعليم جراء قرارات غير مدروسة، ومن أهمها إقرار التقويم المستمر في المرحلة الابتدائية منذ عام 1426هـ، حيث تخرج جيل بأكمله لا يتقن مهارات الكتابة، والقراءة، ولديه ضعف عام في العلوم والرياضيات والإنجليزي، لأن البنى التحتية للتقويم المستمر لم تكن مهيّأة كما يجب. ولعل قرار معالي وزير التعليم د. حمد آل الشيخ بتطوير المادة الخامسة من لائحة تقويم الطالب للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة وإعادة الاختبارات التحريرية لهو قرار حكيم، لأنه سيرفع من المستوى التحصيلي للطلاب، ويساعد المعلم على تحديد مستويات الطلاب وفقًا لمعايير دقيقة، وليس مجرد كتابة: (أتقن) و(لم يتقن)، في ظل وجود أكثر من 45 طالبًا في الفصل، ولا وقت للمعلم للكشف عن المستوى الحقيقي، بل إنه سيجعل الطلاب أكثر اهتمامًا بالتحصيل الدراسي، ويخلق التنافس الشريف بينهم لاعتبار أن هناك (30 درجة) للاختبار التحريري في كل فصل دراسي.
* وأما الخطأ الإستراتيجي الثاني فهو (النجاح بالترفيع) في موادٍ مختلفة في المرحلتين المتوسطة والثانوية، ومنها اللغة الإنجليزية، مما جعل ضعف المستوى تراكميًا، وبالتالي تخرج جيل ضعيف في المادة!! مع أن سوق العمل يتطلب خبرة ومهارة عالية في استخدام اللغة الإنجليزية تحدثًا وكتابة، واضطر الكثير من الشباب الحصول عن دورات باهظة الثمن؛ لرفع مستواهم، والحصول على وظيفة تؤهلهم لحياة كريمة.
ولكن سؤالاً يتبادر للذهن: أين هي نتائج مؤتمرات هيئة تقويم التعليم، فقد عقد مؤتمر في 2015م بعنوان: (مدخل للتطوير والجودة النوعية)، وعقد آخر في 2018م بعنوان: (مهارات المستقبل وتنميتها وتقويمها)، وتم استقطاب متحدِّثين عالميين، وحضره الآلاف من التربويين، فما هو تأثير ذلك على الميدان التربوي والتعليمي؟، فلم نرَ بوادر الجودة في التعليم، فأعداد الطلاب لاتزال (40- 45) طالبًا -حسب صحيفة مكة 10 /1 /1441هـ-، فقد خالفت بعض إدارات التعليم اشتراطات المساحة المخصصة للطالب، وهي اشتراطات هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بشأن المساحة المخصصة للطالب وهي (2م × 1,5م)، وتم تخصيص فقط (2م × 75سم)، وحتمًا مثل هذا الإجراء بعيد تمامًا عن الجودة في التعليم، لأنه عائق لتطبيق إستراتيجيات التعليم المختلفة، كما أنها تعتبر بيئة غير صحية، فضلًا عن إرهاق المعلم.
ولكن، أليست الوزارة تُطبِّق التعليم الإلكتروني هذا العام في بعض مدارس التعليم؟!، فهل سنرى فعلًا نتائج باهرة لمستوى أبنائنا وبناتنا، مما يجعل ما يُصرف من ميزانيات مليارية توازي المستوى المطلوب للجيل الجديد وتمكينهم من مهارات المستقبل؟!.. هذا ما يجب أن ترصده هيئة تقويم التعليم، لتُقدِّم لنا نتائجها على الأقل بعد عامين.