ملالي إيران، الطبقة الحاكمة في طهران، تواجه تحديات متزايدة. الشارع الإيراني انتفض ضدها، وانطلقت الحناجر تنادي بسقوط النظام الفاسد القائم. ومن المتوقع أن تتوالى هذه الأصوات الثائرة في شوارع المدن الإيرانية بأشكالٍ متعددة في مواجهة قمع دومي. أساء نظام الملالي إدارة الأزمة في العراق عندما تفجَّرت المظاهرات، وأساؤوا أيضًا إدارة الأزمة في لبنان عندما ثار اللبنانيون وخرجوا إلى الشوارع بأعدادٍ غير مسبوقة.. وسنشاهدهم في إيران يُكرِّرون نفس المستوى السيئ من التعامل مع نقمة الناس ومطالبهم.
في لبنان يقف حزب الله على رأس الدولة مسيطرًا على عون وأتباعه في جانب، بينما يقف لبنان بثوَّاره في جانبٍ آخر.. ويسعى الحزب إلى إنكار علاقته بالفساد، ويواصل الحديث عن المؤامرة ضده وضد رئيس دولته الجنرال عون، الذي طالب اللبنانيين بالرحيل عن البلاد إذا عجزوا عن التمتُّع بالعيش في ظله.. بل وتساءل إبراهيم الأمين، رئيس تحرير جريدة «الأخبار»، التي تُعبِّر عن الكثير من مواقف حزب الله، وذلك في مقال له بالجريدة، الأسبوع الماضي، عمَّا إذا كان قائد الجيش اللبناني يسعى للرئاسة بإصراره على عدم قمع الشارع اللبناني بالقوة قائلًا: «أما آن لأحد أن يصرخ في وجه مَن يتولى أمن البلاد: أنت مسؤول عسكري ولست مرشحًا للرئاسة؟»، ونقلت إحدى الصفحات الإلكترونية اللبنانية عن مقربين من «حزب الله»، أن الحزب يدرس القيام بتحرُّك في الشارع يطلق عليه المقرّبون منه تسمية «الصدمة الإيجابية»، ويُخطِّط للقيام بها عند الإعلان عن التشكيلة القادمة للوزارة، وإصرار المتظاهرين على عدم الخروج من الشوارع.
التطورات، أي انتفاضة الشارع، في كل من العراق ولبنان وإيران أحد أهدافها الخلاص من حكم ملالي طهران. فالعراق ولبنان شعبان عربيان بصرف النظر عن مذاهبهما دينيًا، سنة أو شيعة أو مسيحيين أو دروزا أو أكرادا، ولا يمكن لملالي بلاد فارس أن يدّعوا أن الشعبين العربيين يرغبان في الانضواء تحت لواء فارس وملاليها.. ولا أن يتوقَّعوا أن العرب سوف يشعرون بالرضا والسرور وهم يسمعون ملالي إيران يتحدثون علنًا عن أنهم يُهيمنون على صناعة القرار في أربع عواصم عربية، (دمشق وصنعاء العاصمتين الأخريين).. وبالإضافة إلى ذلك أن النظامين الحاكمين في بغداد وبيروت فاسدان إلى حدٍّ كبير.. وأن الشعبين العربيين في لبنان والعراق يتعرَّضان لظلمٍ كبير يُمارسه حكامهما تحت حماية الحراب الفارسية ومباركة ملالي طهران.
ولا شك وأننا سنشهد تطورات كثيرة في مستقبل الأيام، إلا أن لبنان يمكنه أن يضع حزب الله وملالي طهران في مواجهة تحد كبير إذا ما تخلَّى الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، عن أحلامه الشخصية، وأعلن عدم قبوله تولي رئاسة الوزارة اللبنانية القادمة، وأن لا يُرشِّح ويُؤيِّد أي بديل له. إذ إن بقاءه كرئيس للوزراء مباشرة أو بشكل غير مباشر، بما له من موقع لدى الطائفة السنية وعدد كبير من المواطنين اللبنانيين الآخرين، يُوفِّر غطاء لحزب الله وعون، بينما سيؤدي رفع هذا الغطاء إلى مواجهة تحالف «حزب الله» - عون، العالم عارٍ من غطاء وفر لهذا التحالف بعضًا من الاستقرار في وجود رئيس وزراء له ثقل دولي وعربي يُوفِّر بعضًا من الدعم الاقتصادي والسياسي للبلاد. وطالما أن «حزب الله» يقول إنه لا يخشى على لبنان العقوبات، التي يُسبِّبها وجوده في الحكومة، لأن لديه المال الكافي للصرف على الدولة، ولديه الوسائل لتوفير نجاح أي مشروعات اقتصادية في لبنان، وطالما كان الحال كذلك، فإنها فرصة ليظهر «حزب الله» قدرته، مع رفيق دربه الجنرال عون، على إدارة دولة لبنان تحت مظلة ملالي طهران، الذين ينتظرون مصيرًا مجهولًا مخيفًا لهم!!.