كنت قد تحدثت في المقال السابق عن التنظيم الجديد لشركات أرباب الطوائف وأنه لن يلغي وجودهم، ليس بحسب قناعة خبراء التحول فقط، ولكن لأن مواد النظام نفسه تُعزِّزه مع إمكانية أن تقوم الشركات بعقد شراكات استراتيجية مع شركات أخرى وتطوير قدراتها التشغيلية، وتجويد الخدمات المقدمة، وتكوين كيانات ضخمة مما سينعكس على الاقتصاد الوطني، ويخلق فرصاً وظيفية كبرى للشباب والشابات.
وحينما جاءت المعايير المطلوبة لأعضاء مجالس إدارات أرباب الطوائف باعتماد معالي وزير الحج د. محمد صالح بن طاهر بنتن، وتعميم معالي النائب د. عبدالفتاح مشاط بتاريخ 27/3/1441هـ اعتبرها البعض تعجيزية، وأن الهدف منها إقصاء أرباب الطوائف، وهذا من وجهة نظري تقليل من شأنهم لأن هناك أكثر من (15.000) مساهم ومساهمة في أرباب الطوائف.. فهل من المعقول أن لا يوجد بينهم مَن تتوفَّر فيه تلك المعايير!!؟ الكثير منهم يمتلك مؤهلات عليا في: الاقتصاد، والقانون، والمالية، بل بعضهم عاطل عن العمل، وفي هذا توفير فرص وظيفية لهم في (شركة أرباب الطوائف). وليس من الضروري أن تتوفَّر هذه المعايير في أعضاء المجالس الحالية.. علماً بأن المعايير لم تذكر (شركات الإسناد) أو (شركات تقديم الخدمة).. وإنما: شركات أرباب الطوائف والتي تشمل 12 عضواً.. فهل نعجز عن توفير العشرات من بضعة آلاف!؟.
إن تلك المعايير ونشرها في جميع مواقع التواصل يجعل لأبناء الطائفة الأولوية في العمل في مجالس الإدارات، ولكن حسب الجدارة والاستحقاق الفعلي، وليس حسب المجاملة أو المحسوبية والتغافل عن بعض المعايير!!
نقطة أخرى مهمة، وهي أن الوزارة قد أحسنت صنعاً في أن تجعل الفترة الأولى بالتعيين، للتغلب على مشكلات الانتخابات، وبعض التكتلات التي يصنعها بعض من رؤساء مجالس الإدارات، وربما شراء الأصوات ووعود بشركات مقدمي خدمة وغيرها ممن كانت لهم ممارسات معروفة في الموضوع.
وقد وضعت المعايير لأعضاء مجلس الإدارة لشركات أرباب الطوائف -حسب اللائحة التنفيذية للجان- كما جاءت في (الفقرة السادسة من المادة الرابعة): تكوين لجنة المراجعة، واللجنة التنفيذية، ولجنة الاستثمار، ولجنة الحوكمة، ولجنة الترشيحات والتعويضات». ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: أين (لجنة المخاطر)؟! وهي من أهم اللجان في أعمال الشركات، والتي يفترض أن يكون أعضاؤها من التنفيذيين ويشترط لأعضائها أن يمتلكوا قدراً كافياً بالشؤون المالية، وتكون أهم اختصاصاتها التنبؤ بالمخاطر من خلال قراءة المؤشرات المالية الشهرية، والتحقق من عدم تجاوز الشركة لحد معين من المخاطر، وبالتالي وضع الحلول الناجعة في حل المشكلة مبكراً لإيقاف أي خسائر.
نعم بحمد الله تعالى لقد انتهت الرسملة، والهيكلة، والآن ننتظر (حوكمة هذه الشركات) والتي تقوم على مبادئ أساسية وهي: العدالة، والشفافية والإفصاح، والمساءلة، والمسؤولية لتحقيق مصالح المستفيدين.
بقي أن نقول: إن تلك المعايير لن تقصي أرباب الطوائف لأنهم الأكثر كفاءة وخبرة، خاصةً في معايير لجنة عضو مجلس الإدارة في قطاع الحج، وفي شركة الإسناد. كما أن دور الجمعيات العمومية في الشركات مهم في حضور اجتماعات الجمعية العمومية، والتصويت على القرارات التي تحقق مصالح الشركاء.
أخيراً، لابد من شكر وزارة الحج والعمرة على ما قام به سعادة قائد مكتب تحقيق الرؤية المهندس/ محمد إسماعيل بعقد لقاءات لمساهمي ومساهمات مؤسسات أرباب الطوائف وتوضيح اللائحة التنفيذية، ممَّا كان له أكبر الأثر في فهم الكثير من مواد اللائحة، وبالتالي النجاح في تنفيذها بإذن الله تعالى.