ما إن أعلن مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أن عنوان ملتقى مكة الثقافي للعام 1441هـ (كيف نكون قدوة بلغة القرآن الكريم) حتى تسارعت الجهات المعنية بإعداد الخطط والبرامج التي تدعم هذا التوجه الثقافي. ولم يكن هذا الإعلان حقيقة إلا دق ناقوس الخطر لما تتعرض له اللغة العربية من تحديات التهميش والإقصاء والغربة.. في ظل اهتمامنا بلغات أخرى وخاصة بعض الأسر التي تفاخر بإتقان أبنائها للغة الإنجليزية أكثر من اللغة العربية.. وفي هذا خطر كبير على هويتنا الإسلامية العربية وانتمائنا الوطني الذي نفخر بأن القرآن الكريم الذي نزل باللغة العربية؛ هو دستورنا التشريعي والقضائي وفي جميع مظاهر حياتنا.
ومما دعم هذا التوجه أيضاً ما أعلنه صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة عن تسمية عام 2020م بـ(عام الخط العربي) لما يمثله من أهمية لإبراز الخط العربي وجماله وفنونه بوصفه وعاءً حاملاً لثقافة الأمة وتراثها وتاريخها.
توجهات ثقافية رائدة تسجل في تاريخ هذا الوطن الذي يهتم مسؤولوه بكل ما يمس الهوية الوطنية الإسلامية، ففي العقدين الأخيرين وخاصة بعد اختصار مناهج اللغة العربية في كتاب (لغتي الجميلة) وكتاب (لغتي) فقد الأبناء الكثير من مهارات اللغة العربية تحدثاً وكتابة، وأخطاء في الأملاء، والنحو والصرف فترى الطالب يصل للجامعة وتحمل بحوثه أخطاء لغوية جسيمة فينصبُ المجرور ويرفع المنصوب، ولا يفرق بين المبتدأ والخبر وخطوط ربنا يعلم بحالها.. ناهيك عن أخطاء الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي!!.
ولكن أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً.. فإدراكنا للخطر هو أولى خطوات الإصلاح وتقع على كافة المؤسسات التربوية كالأسرة، والمدرسة، والثقافية كالإعلام، والأندية الأدبية الكثير من المسؤولية في الحفاظ على اللغة العربية واتباع أساليب متنوعة لترسيخ مهارات القراءة الإبداعية باللغة العربية لدى أبنائنا؛ وليس اعتبارها مجرد هواية ولكنها كضرورة معرفية وأداة مهمة في بناء شخصية الفرد وتكوين وعيه وعدم الاعتماد على المقرر الدراسي وحفظه واستظهاره؛ بل جعل القراءة رافداً علمياً أساسياً في التكوين المعرفي الثقافي واكتساب اللغة الصحيحة.
على مستوى الوطن هناك مبادرات وتطبيقات إلكترونية متنوعة ومنها على سبيل المثال ما قدمته جمعية الثقافة والفنون بجدة في لقاء بعنوان: (قائمات قادمات) واحتوى على مبادرات تقنية تحفز الأطفال على إتقان اللغة العربية ومنها: (العب مع فصيح) و (أنجد).. قدمتها أكاديميات سعوديات.. وهي خطوات رائدة نحو إتقان الأطفال للغة العربية ولكن نتمنى أن يكون الترويج لهذه البرامج في جميع مدارس التعليم العام وتكوين قناعة لدى الأطفال بأهميتها.. بل تكون هناك متابعة وتقويم فيما استفاده الطفل منها.
كما أن وجود برامج وفعاليات مدرسية متنوعة تهتم باللغة العربية مهم جداً وأن تكون على شكل مسابقات ملهمة مثل: برنامج (تحدي القراءة العربي) فبالرغم من تحفظي على بعض برامج MBC إلا أن هذا البرنامج قد جاوز حدود النجاح، لما حققه من أهداف سامية في اعتلاء أبناء العالم الإسلامي منصات التتويج والفوز في تحدي القراءة العربي والإتقان المبهر للغة العربية تحدثاً، وإلقاءً، وكتابة.. بل إن فوز مدرسة الإمام النووي بينبع لهو دليل على أنه حينما تركز الجهود نحقق الأهداف؛ فحققت المدرسة المركز الأول على أكثر من 67 ألف مدرسة، ثم تفوقت في النهائي على مدرستين.. وحتماً هذا لم يحدث إلا بجهود قائد المدرسة والكوادر البشرية، من مشرف، ومعلم وبيئة مدرسية جاذبة، فاكتشاف المواهب الإبداعية والقدرات الخاصة يعود للمدرسة ومناهجها ومناشطها.. فهل نكسب الرهان يا سادة ؟.