دار المصطفى، أو طيبة الطيبة، أو سمّها ما شئت، أحبَّها النبي -صلى الله عليه وسلم- واختار البقاء فيها، وكانت ومازالت عاصمة الإسلام، يتلهَّف شوقاً إليها كل مسلمي العالم، ويتمنَّى جوارها. حَظيَتْ ولا تزال تحظى باهتمام القيادة السعودية، والتركيز عليها وعلى مكة المكرمة. وعند السفر خارج السعودية وخاصة بلاد المسلمين تجد المحبة لأهلها في كل مكان، أو أي بقعة يكون فيها مسلم.
لاشك أن اختيار المصطفى -صلى الله عليه وسلم- للهجرة إليها كان واقعاً، ودعاؤه لها بوضع البركة فيها وفِي أهلها؛ يجعلك تشعر بالرقة والألفة والمحبَّة من أهلها، وترحيبهم بالضيف يُضرب به المثل. مهما حاول البعض رفع التكلفة أو ممارسة الأنشطة المُكلِّفة فيها، تجد استحالة الاستمرارية فيها. وتستمر الأمور في تكلفةٍ محدودة، لأن البركة بدعاء الرسول -عليه الصلاة والسلام- مستمرة فيها، وتجد شعورك وإحساسك فيها يختلف عن أي مكان تزوره في العالم. فالرومانسية وهدوء النفس لا يفارقانك، ولا تجد فيها غلاء، أو ماديات مُؤثِّرة فيها، بل تكون طيِّب النفس، وإحساسك بالراحة هو الأساس. فيشعر زائرها براحةٍ غريبة، حتى أداء الفروض فيها يكون ملتصقاً ببيوت الله، حيث تتمتع بزيارة المسجد النبوي الشريف ومسجد قباء، وباقي المساجد، ولا تمل أبداً منها.
حتى الغذاء فيها ومطاعمها تختلف عن باقي المناطق من حيث اللذة والاستمتاع فيها، وتجد الغالب فيها هو البساطة، والتيسير والاستمتاع بما يقدّم لك. ولمَن يُريد الاستمتاع فيها يجب أن لا يكون في منطقةٍ واحدة، بل يدور فيها ويتنقل بين أحيائها، والتي اتسعت بصورةٍ كبيرة. وأعتقد أن قضاء أيّام فيها يريح الأعصاب، ويهدىء النفس، ويُعيد لها سكينتها التي نفتقدها في زحمة وضغوط الحياة، ونستعيدها في أجواءٍ روحانية.
الإمكانيات المتاحة حالياً، وسهولة الوصول إليها، والخدمات المقدمة فيها تعكس اهتمام الجهات الرسمية بها، وحسن التنظيم فيها. سواء بتوفُّر الخدمات أو بتوفُّر البنية التحتية فيها، وبتكلفةٍ معقولة، خاصةً إذا تفاديت أوقات الازدحام، أو أوقات الذروة خلال المواسم. حيث الازدحام ربما يجعل الاستمتاع والراحة أقل من أوقات انخفاضها.
الروحانية والعلاج النفسي بزيارتها، تجربة تستحق أن نقوم بها مرة كل عام على الأقل، حتى نُعطي أنفسنا محطة استراحة، والمدينة في نظري أفضل خيار من غيرها.