في صباح يوم الثامن من الشهر الجاري فُجع عالم الطيران بحادث الطائرة الأوكرانية من طراز بوينج 737-800 في رحلتها رقم 752 من طهران إلى كييف بأوكرانيا والذي أودى بحياة 176 راكبًا أغلبهم إيرانيون والأكثرية يحملون جنسية مزدوجة كندية وإيرانية كانوا في طريق عودتهم إلى كندا من إجازة نهاية العام 2019م.
في البداية أعلنت السلطات الإيرانية أن الحادث بسبب عطل فني وبنت السلطات الأوكرإيرانية على ذلك ولكنها بعد ساعات تراجعت وطالبت بالتريث حتى تحصل على مزيد من المعلومات وبقي موقف إيران كما هو.
أمريكا وكندا أعلنت أن لديها معلومات مؤكدة أن الطائرة أُسقطت بصاروخين أرض جو من صنع روسي ولكن إيران نفت ذلك وسارعت في إخفاء معالم الحادث وعدم استعدادها لتسليم الصندوق الأسود ومسجل قمرة القيادة بادعاء أن لديها القدرة على التحقيق بمفردها وهنا يتضح أنها تنوي إخفاء تورطها بضرب طائرة مدنية بصواريخ أرض جو، وذلك الفعل محرم دوليًا بموجب معاهدات دولية، إيران طرف فيها.
وبعد تأكيدات من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وتغطية إعلامية ومراقبين مختصين اعترفت إيران بالأمر الواقع أن الطائرة أُسقطت بصواريخ أرض جو وأثبتت إيران أنها تكذب على العالم وتنوي تمييع حقوق ضحايا من ثماني دول لقوا حتفهم بسبب إخفاق إيران في اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة الملاحة الجوية على أراضيها وفي مجالها الجوي وهذا يدل على تخلف مركَّب لدى النظام الإيراني الذي يعتقد أن بإمكانه إخفاء حقائق مكشوفة للعالم ولا يمكن الاحتيال عليها..
الأقمار الصناعية تجول الفضاء وترصد كل صغيرة وكبيرة خاصة في المناطق التي يوجد فيها صراعات بين الدول.. وقد كان هناك تحذير للطيران الإيراني المدني بتجنب الطيران فوق إيران والعراق وكان أيضًا على الطيران الأوكراني أخذ علم بذلك والامتثال تجنبًا لتعريض ناقلتها لما حصل.
بعد الاعترافات الصريحة ستخضع إيران للعقوبات والتعويضات التي حددتها معاهدة مونتريال منذ عام 1999م التي بموجبها تم تحديث معاهدة وارسو وتوحيد قواعد النقل الجوي ورفع سقف التعويضات لأهالي ضحايا حوادث الطيران المدني في العالم.. بالإضافة للتعويضات المادية والمعنوية للشركة المشغلة للطائرة الأوكرانية ولا مجال لافلات ايران من ذلك. وهذا الحادث يُذكر بما حصل للطائرة الإيرانية عندما أسقطها سلاح الطيران الأمريكي فوق المياه الدولية في الخليج العربي عن طريق الخطأ.. واعترفت أمريكا ودفعت التعويضات.
وأيًا كانت نتائج التحقيق فإن معضلة التنسيق بين السلطات العسكرية والمدنية -في الدول والمناطق التي يوجد بها احتمالات نزاع مسلح- تبقى من أهم الجوانب التي يجب الاهتمام بها من قبل الجهات المسؤولة عن سلامة الطيران المدني والملاحة الجوية بدون تهاون حتى لا تتكرر الأخطاء التي تؤثر على صناعة النقل الجوي وتودي بأرواح أبرياء لا ذنب لهم.. وعند وقوع أي حادث للطيران لا تستفيد الجهات المعنية من إخفاء الحقائق عن خبراء يبحثون عن السبب والمسببات ويقترحون الحلول للحيلولة دون تكرار الحادث مرة أخرى لأن صناعة النقل الجوي أصبحت من ضرورات الحياة.