* «ما يمدح السوق إلا من ربح فيه» مقولة دارجة تشير إلى أن الرابح مدّاح، وليس ذلك فقط، بل إنه قد يتجاوز ذلك إلى منطقة أبعد إلى حيث الدفاع عن ذلك السوق موطن (ربحه)، كيف لا وهو يراه بالنسبة له حمى، وأن أي (هزة) تلحق بذلك السوق سوف تسحب برجل مكسبه إلى حيث (الخسارة).
* توطئة وجدت أن من الضروري إيرادها؛ في ظل التجاذبات الحاصلة بين شعراء العرضة، الذين ضربت الشيلات سوقهم في مقتل، وبين طوفان انتشار الشيلات، حتى أصبحت بديلاً عن العرضة، وبأقل التكاليف، مع ضمان بقاء (الزير) ساخناً، بل لا داعي لتسخينه من أصله.
* هنا ثارت ثائرة بعض الشعراء، ولم يجدوا وسيلة يهاجمون بها (الدخيلة) على سوقهم إلا العزف على وتر الحفاظ على التراث، وأن الشيلة ليست من التراث، مع التحذير من أن الاتجاه لها سوف (يطمر) العرضة تحت ركام النسيان، وعليه فإن من الواجب إيقاف (الشيلات) حفاظاً على تراث العرضة.
* دعوة وجيهة، ومبررها قوي، ومن منا لا يهمه حفظ التراث، والعرضة كموروث شعبي تعبر عن الأصالة، وها نحن نحافظ على ذلك التراث ما أسعفنا جهد أقدامنا، بدليل أننا نقوم بذات الدور، ولكن على أنغام (الشيلة)، وإن كنا تجاوزنا بعض الصلاحيات في عدم إطالة الوقوف انتظاراً لرد (نشب) في حلق الشاعر أو اكتفينا بذاكرة (الجوال) عن حضور شاعر (مهاترات) لسانه متبرٍّ منه!
* إننا نفعل ذلك لأسباب كثيرة؛ ربما لضيق ذات اليد أمام شاعر (يبغى ملء جيبه)، وناقع للزير ما ينقع بلاش، وغلبة زحمة، وهيلمان فلاشات، وقنوات، وحسابة تحسب، وعريس الله يعلم بحاله، حيث لم تبقِ له الديون، والأقساط ما يجعله يفكر مجرد التفكير في الحفاظ على تراث (العرضة)، ويقرر أن يرتمي (غميضي) في أحضان الشيلة، التي لا تمانع أبداً من بعض بهارات (الشو) الكلامي على طريقة: «والسمن يشبه لسيلن لا تقل لي من كظايمي».
* أما مسألة الحفاظ على تراث العرضة، فأولى بالحفاظ على ذلك الشعراء، فلماذا لا نرى منهم مبادرات في هذا الجانب، كأن يجعلون من كل عشر حفلات حفلة مجاناً؛ بداعي دعم موقف العرضة أمام (المفترية) الشيلة، وفي نفس الوقت بداعي الحفاظ على تراث العرضة، التي أرى أن المهرجانات قامت بالواجب في التعريف بها، وجعلها في الواجهة دوماً، ولتبقى الشيلات وافية كافية، وكسوة الشعار جيب العريس، وشهر العسل أولى بها، وعلمي وسلامتكم.