· اتخذ الصبي النحيل من أحد أركان مترو الأنفاق المنزوية والمظلمة مكاناً للتسول تحت ذريعة بيع أقلام الرصاص.. كان يقف شارد الذهن عندما مرَّ عليه أحد رجال الأعمال المشهورين ووضع دولاراً في كيسه قبل أن يستقل المترو في عجلة.. لكنه وبعد ثوان قليلة من التفكير، خرج من المترو مرة أخرى، واتجه نحو الصبي الذي مازال ينظر اليه باندهاش.. تناول الرجل مجموعة كبيرة من أقلام الرصاص، موضحاً للشاب بلهجة (البزنس) إنها صفقة مشتركة الفوائد بين رجلي أعمال: «أنت رجل أعمال مثلي؛ ولديك بضاعة جيدة وأسعارها مناسبة للغاية لهذا سأشتريها». ناول الصبي النقود ثم عاد لمقعده في القطار. بعد سنوات من هذا الموقف وفي إحدى المناسبات تقدم شاب أنيق نحو رجل الأعمال وقدم نفسه له قائلًا: إنك لا تذكرني على الأرجح، لكني لن أنساك ما حييت، فقد أعدت لي بصفقة الأقلام احترامي وتقديري لنفسي.. كنت أظن أنني (مُتسوِّل) أتذرع بأقلام الرصاص إلى أن دعمتني وحولت تفكيري الى أنني (رجل أعمال) وهذا ما حدث بالفعل!.
· هذه القصة المعروفة في أدبيات التنمية الذاتية تدفعك الى الايمان الجازم أن قوة التأثير تكون في الدعم المعنوي والروحي أكثر بكثير مما تكون في المساعدة المالية!. كان يمكن أن يمر هذا الموقف على الشاب دون أن يحدث أي تغيير إيجابي فيه لو اكتفى رجل الأعمال بموقفه الأول حين وضع قطعة من النقود في كيس الطفل، بل كان يمكن أن يكرّس فيه صورة المتسول المحتاج دوماً الى شفقة الناس وأعطياتهم، لكن كلمات الدعم البسيطة تحولت الى توجيه إيجابي عندما تعامل معه كندّ، وكرجل أعمال وشريك في صفقة. إن كثيرًا من الناس وصلوا إلى أبعد مما ظنوا أنفسهم قادرين عليه، لمجرد أن شخصًا أخبرهم أنهم قادرون على ذلك.. فالكلمة الحكيمة في وقتها، والتصرف الداعم قد يكون هو كل ما يحتاجه إنسان لتوجيه دفة شراعه نحو مرافئ الثقة والأمل والنجاح.
· مواقف الدعم في لحظات الانكسار لا تُنسى أبداً ومن أجمل قصص الدعم المؤثر ماروته أم المؤمنين عائشة أن امرأة من الأنصار دخلت عليها أثناء حادثة الإفك، لم تفعل المرأة شيئاً غير أنها بكت معها كثيراً دون أن تنطق كلمة. قالت عائشة: والله لا أنساها لها أبداً. وقصة أخرى مماثلة لكعب بن مالك عندما تاب الله عليه بعدما تخلف عن تبوك، حين دخل المسجد مستبشراً فقام إليه طلحة يهرول واحتضنه قال: لا أنساها لطلحة.
· لا يكفي أن نكون على قيد الحياة، من المهم جداً أن نكون على قيد الإنسانية والدعم والتأثير.. كلماتك البسيطة قد تبني إنساناً فاخترها بعناية لتصنع أجمل الأثر. ادعم نفسياً وروحيا قبل أن تساعد مالياً.. دعم الفقراء ليس بدس قطعة نقود في جيوبهم فقط، بل بدعمهم نفسياً وروحياً وعملياً لتحويلهم الى منتجين.. سيتذكرك من دعمته كشريك في النجاح ولن ينساك، لأنك قد تكون ملهمه، وأهم أسباب نجاحه وتفوقه.