لا يعيش الإنسان في هذه الدنيا بمعزلٍ عن الآخرين، إنما هو فرد داخل مجتمع، ولا تستقيم حياته ولا تتقدّم، إلا إذا عرف كيف يتفاعل مع أفراد هذا المجتمع على الوجه الأمثل، وأهم قوانين هذا التفاعل قانون: الاحترام.. يقول (جبران خليل جبران): الاحترام فوق كل شيء، فوق الصداقة، وفوق القرابة، وفوق الحب أيضاً.
ولكي تستطيع أن تحترم الناس عليك أولاً أن تحترم نفسك، واحترام النفس يأتي من تقدير الذات ومحبتها، بكل ما فيها من عيوب ونواقص، وذلك بتقبّلها كما هي، وتنميتها للأفضل، وتحمّل مسؤولياتها، يقول (غاندي):الاحترام لا يُطلب بل يُكتسب.
أفضل ما يُعزّز احترام الذات، تلك المشاعر والأحاسيس التي تتوّلد لدى الإنسان، عند قيامه بعمل مُفيد ومُهم في الحياة.
قامت احدى الشركات بعمل استطلاع للرأي لمعرفة الأسباب التي تجعل الموظفين يتمسكون بالعمل في مؤسسةٍ ما، فكان المال هو السبب الخامس، أما السبب الأول فهو شعور الموظفين بأهمية الدور الذي يؤدونه.
عندما زارت (الأم تريزا) مصنعاً في الهند، لاحظت أثناء تجوّلها بين أروقة المصنع، عاملاً يدندن بسعادة منهمكاً بعمله، اقتربت منه وسألته: «ماذا تفعل؟»، فأجابها: «أصنع طائرات»، فسألته في استغراب: «طائرات»! فقال: «نعم، لأنه بدون هذه المسامير الصغيرة لا يمكن للطائرة أن تطير».
الاحترام هو أن تقبل الآخر كما هو، بلا شروط خاصة أو معايير مُعيّنة، الناس لهم عيوبهم، وأنا لا أحكم على سلوكياتهم، وإنما أحترم أرواحهم، أنا أحترمك وأنت تحترمني، وإن لم أُعجبك ولم تُعجبني، وإن اختلفنا أو تجافينا، فالاحترام المُتبادل حقٌ لنا وواجبٌ علينا، الاحترام أهم من الحب، تقول (الحكمة الصينية): حُب البشر دون احترام، يعني اعتبارهم حيوانات مُفضّلة.
يسهُل عليك أن تحترم من يُشبهك، لأن في ذلك تعظيماً لذاتك، وتأكيداً على أفكارك وصفاتك، لكن الصعوبة والتحدي في أن تحترم من يختلفون عنك، وهذه مرحلة عالية من مراحل الاحترام، لا يصلها إلا من هذّب نفسّه وجاهدها، يقول (شكسبير): الاحترام لا يُكلّفُ شيئاً لكنه يعني الكثير.
الاحترام المُتبادل هو التقاء في منتصف الطريق، هو عربون تسامح، هو مُبادرة لُطف، هو عيّنة ذوق، هو تعالٍ وترفُّع عن كل ما يُبعد الإنسان عن أخيه الإنسان، وتذكّر أن أجمل ما تُهديه للآخرين، الابتسام والاحترام.