· في سبعينيات القرن الماضي انتشرت كتب الدجل والكذب التي تتحدث عن تحقيق أهداف كبيرة خلال وقت وجيز جداً، مثل (كيف تتحدث الإنجليزية في أسبوع)، و (كيف تصبح مليونيراً في 7 أيام)، وغيرها من الكتب التي فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أيّ هدف؛ غير ملء جيوب أصحابها بالمال!. لكن الخبر القادم من الصين مختلف هذه المرة رغم تشابه صيغته مع عناوين تلك الكتب، فالمستشفى الذي وعد الصينيون ببنائه خلال أسبوع واحد للوقوف بوجه فيروس (كورونا) آخذ في التشكل بالفعل وتحت أنظار العالم كله.
· أرجو أن لا تسألني كيف سيتم بناء مستشفى سعته ١٠٠٠ سرير بكامل معداته وتجهيزاته وطواقمه ووووو.. خلال أسبوع أو شهر أو حتى سنة، فلا علم لدي، لأن الأمر في مفاهيمنا يحتاج لسنوات واجتماعات وجلسات وتوقيعات طوال، ولم نتعود نحن العرب على مثل هذه السرعات المربكة، فنحن أمةٌ قديمة، ونمتلك الكثير من الوقت، فلماذا العجلة؟، أليس في التأني السلامة كما نقول؟!. لكن ما أنا متيقن منه أنها ليست السابقة الأولى، فللصين تجارب سابقة وناجحة جداً في هذا المجال، وسبق أن صدّرت الكثير من الدروس للعالم مثل: (كيف تعيد بناء جسر متهدم في 24 ساعة؟!) و (كيف تبني فندقاً من 14 طابقاً في أسبوعين ؟!) أي بمعدل طابق كل يوم. لقد تحولت الصين بفضل هذه السرعة في المشاريع إلى كابوس مزعج في أعين معظم وزراء ومسئولي العالم التنفيذيين.
· وبعيداً عن الخوض في الأخبار التي تتهم الصين حيناً بتسريب الفيروس (بغير قصد)، وتتهم أميركا أحياناً أخرى (بقصد مع سبق الإصرار)، فإننا نتساءل: لماذا هذه السرعة؟!. هل هو مجرد استعراض صيني لحفظ ماء الوجه بعد اتهامات منظمة الصحة العالمية لها بالتهاون؟!. الحق إن ما يحدث في الصين من تفشٍ سريع لـ(كورونا) هو أزمة بل كارثة بكل المقاييس، وأهم عوامل نجاح التدابير الخاصة بالأزمات والكوارث هي السرعة، كما أن التهديد الذي يمثله (كورونا) يطال الاقتصاد الصيني الضخم، لذا تحاول الحكومة العمل بسرعة لتفادي المضاعفات، وللأمانة فإن الكيفية والسرعة التي يتم بها المشروع مثال يحتذى به لإدارة الأزمات الصحية، بعيداً عن الاستغراق في اللجان والتنظير المكتبي.. صحيح أن القوة البشرية الهائلة في الصين لها دور فاعل في هذا، لكن الإرادة في رأيي هي العامل الأهم، كما حدث في التجربة السابقة خلال التعامل مع فيروس (سارس) في ٢٠٠٣ حين بنت الارادة الصينية مستشفى في ضواحي بكين خلال أسبوع أيضاً باستخدام 7 آلاف عامل على مدار 24 ساعة!.
· الأخبار القادمة من بلاد المليار وثلاثمائة مليون نسمة تحمل أنباءً سارة بانتصار وشيك على كورونا.. فهناك لقاح مجاني ضد الفيروس سيوزع خلال الأيام القادمة، هذا ما يهم العالم كله.. أما ما يهمنا نحن على وجه الخصوص فهو درس مجاني أيضاً عنوانه: كيف تنتصر على البيروقراطية، وتبني مستشفى متكاملاً في أسبوع واحد فقط؟!.