Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

مؤامرة..!!

A A
نظرية المؤامرة موجودة في أغلب المجتمعات الإنسانية ومن ضمنها المجتمعات في المنظمات الإدارية المختلفة، ولها من يتبناها ويعمل بها حتى يومنا هذا، ونرى ذلك في صور متعددة في بعض الأشخاص الذين حولنا، يعيشون في نظريات المؤامرة المتعددة في كل أمورهم وفي كل ما يتناولون من قضايا حياتهم ومعيشتهم، ويعتقدون دون شك بأن هناك مؤامرات تحيط بهم من كل جانب، حتى استسلموا لهذا الأمر بشكل لافت ومريب وتحولوا معه الى حالة مرضية مستعصية.

بعض الموظفين يعتقدون أن هناك من يقوم بالمؤامرة عليهم في وظائفهم من خلال رؤسائهم وبالتالي يقوم الواحد منهم بعمله بناء على هذا الوهم وينعكس ذلك على أدائه للعمل وبالتالي على إنتاجيته بشكل كبير ويعزو ذلك إلى المؤامرات التي تحاك ضده.

وكذلك بعض المدراء يؤدون أعمالهم حسب نظريات المؤامرة التي إما ينشئونها من تلقاء أنفسهم، أو من خلال الظن بالموظفين بأنهم يتآمرون عليهم للحصول على مواقعهم الوظيفية، أو للحصول على صلاحياتهم، وبالتالي يؤدون أعمالهم بناء على هذه الظنون، وهذا أيضاً يؤدي الى ضعف الإنتاجية لأن المدير يضع أولوياته على هذه المؤامرات ويترك مهامه وأهداف العمل، وكل هذا ينعكس على بيئة العمل وتكثر فيه الصراعات والمؤامرات الحقيقية.

نظرية المؤامرة وإن كانت موجودة في بعض الأحيان، إلا أنها تمثل عائقاً أمام مواجهة الحياة الحقيقية وحسن الظن بالناس، هناك مع الأسف بعض الأشخاص الذين تعودوا على تقبل الحياة بسلبية واضحة مسيطرة على أقوالهم وأفعالهم، ويعلق كل ظروف حياته على هذه النظريات، ويغلب ظنه بأن هناك دائماً من يؤثر على قراراته ومسيرة حياته، وهذه الصورة تنتقل الى أبنائه جيلاً بعد جيل تاركاً الأثر السلبي على بيئته ومن حوله.

ولذلك يجب علينا تبني الإيجابيَّة لكي ننعم بقبولِ الحالِ كما هو أو تغييره وتبديله لما هو أحسن، واستثمار الطاقات ومواجهة التحديات والصعاب لتحقيقِ الأهدافِ وإنجاز الأعمالِ والوصولِ إلى المطالب، لأن الإيجابيَّة تحقِّق للفردِ ثقةً عظيمةً ورضاً ذاتياً، فصاحب التفكيرِ الإيجابيّ يمتلكُ ثقةً عاليةً بنفسه وقدرةً على تحقيقِ أهدافه وطموحاته، كما أن الإيجابية تولِّد شعوراً بالسَّعادةِ وانطلاقِ الذِّهنِ وتُعدُّ تحصيناً ضدَّ المنغِّصاتِ والهموم، فتصنعُ بذلك أخلاقاً طيَّبةً حسنةً تجمعُ الأصحابَ والأصدقاء حولَ مُتخلِّقها وحاملها، وكذلك تحفِّز التفكيرُ الإيجابيّ على الإبداع والابتكارِ والإلهام، وتصنع الفرق في الإنجاز والقدرة على الإنتاج، وتُساعِد على بثِّ روح التسامح والتَّوافقِ والمودة في جوِّ الأسرة وأفرادها، وتنقل عدوى الحبِّ للمجتمعِ بكافَّةِ عناصره، وتطهر القلوب من العادات السيئة كسوء الظن والغيبة والغضب، وهي أيضاً تحارب القلق والمخاوف والاكتئاب وما يصاحبها من مشاعر الخسارة والكراهية والسلبيَّة والعشوائيّة.

فهل من الصعب أن تكون إيجابياً؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store