طالعتنا الصحف بخبر وتنبؤات صندوق النقد الدولي الذي لا يجيد سوى السلبية والدعوة الى تعميق الأثر السلبي في الاقتصاد الذي يقدم له النصح والمشورة. والجديد في الأمر أن نصحه لدول الخليج بالجملة وليس بالتخصيص، حيث شملتهم التوصية والتنبؤات الجماعية. فالصندوق ومع المعاناة الحالية وشبه الانفراجة في الاقتصاد يطلب مزيداً من الضرائب وتخفيض الإنفاق الحكومي وتخفيض الوظائف الحكومية وتقليل فاتورة رواتبها. وهذه القائمة من الوصفات السحرية مطلوبة حتى لا تفلس دول الخليج ولا يهوي اقتصادها الى الأعماق بخسائر فادحة!!. ويبدو لأول وهلة وكأنه يدعو الى تسريع الانهيار الاقتصادي بدلاً من أن يحدث -حسب توقعاته- بعد أربعة عشر عاماً!!. والسؤال ما فائدتنا في تسريع العجلة، وأليس في قاموسه أن رفع الضرائب وخفض الإنفاق الحكومي وتسريع تسريح بعض القوى العاملة مؤثر سلبي؟!. والمصيبة أنه يجعلها إصلاحات اقتصادية بهدف حماية الاقتصاد من التدهور بعد أكثر من عقد من الزمان وكأن المستقبل وآلية عمل الاقتصاد وخطط الدولة ورؤية ٢٠٣٠ ليس لها أي تأثير وأن التوجه يجب أن يسير من خلال الضرائب وتخفيض الإنفاق وخفض وتسريح موظفي الدولة.
المصيبة أن التاريخ ومعظم الدول التي خالفت نصح صندوق النقد الدولي استطاعت أن تحقق ما يراه معجزة وأثبتت زيف توقعاته. في حين، وللتاريخ إن كل من استمع لوصفته وسار عليها ساءت أحواله بشكل كبير.
اقتصادنا أمر يهمنا ورفاهية المواطن وتنمية الاقتصاد مسؤولية بلادنا، وفي السعودية وقيادتها من هم أقدر على تسيير الدفة من ناصحٍ مكتبُه خارجَ بلادنا ونتائجنا لا تعنيه بشيء.
القرارات الاقتصادية يجب أن تدرس بعناية ومعرفة نتائجها قبل الانسياق وراء نصح لن يكون منه خير. خاصة وأننا بدأنا مرحلة تحسن الاقتصاد والنمو بعد مرور فترة من الحزم الاقتصادية، علاوة على أن ما يتم الاشارة له الدولُ تقوم به وتركز عليه من زاوية دفع القطاع الأهلي للنمو ومن زاوية تقليل الاعتماد على النفط والاهتمام بمصادر دخل أخرى. واختلافنا معه حول الآلية التي يطالب بتطبيقها من خلال مزيد من الضغط على الاقتصاد وعلى القطاع الأهلي، ونحن في انتظار الانفراج وكأنه يطلب منا السباحة عكس التيار!!.