«وقد يجمع الله الشتيتين بعدما*** يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا» هكذا كان طابع اللقاء الذي جمع أمس علي الخنيزي بابنه الذي خطف قبل 20 سنة في مستشفى الولادة بالدمام بعد ساعات من خروجه للدنيا.. وترقرت أعين الخنيزي وأبنائه بالدموع وهم يشاهدون لأول مرة في مكتب إدارة الشؤون الاجتماعية بالشرقية، حيث التقى علي الخنيزي بابنه موسى وتم الاستلام الذي تأخر عن موعده عقدين من الزمن. «إرادة الله أخرت هذه اللحظات لحكمة» بهذه الكلمات علق علي الخنيزي والد موسى على هذه اللحظات لـ»المدينة»، وقال: «استلمنا ابننا وسنرجع للبيت وأشكر الله أن رده لنا سالمًا غانمًا ومشاعري لا توصف»، أما محمد الخنيزي شقيق موسى فوصف اللقاء بأنه كان كلقاء السحب موضحًا أنه لم يكن يتوقع هذا القدر من الحنين وسرعة الاندماج من شقيقه موسى حينما رأى أسرته لأول مرة، أما موسى الخنيزي فقال: «إنه يشكر كل من تفاعل مع قصته وفرح لفرحه وفرح أهله وأن يسامح كل من أخطأ في حقه».
الوالد يرد على جدل «اختلاف المذهب» بمواقع التواصل
وحول ما تناولته بعض المواقع الإلكترونية في قضية اختلاف مذهب الأب والابن المخطوف علق علي الخنيزي قائلاً: موسى ليس طفلاً صغيرًا يتم تلقينه، هذا شاب عمره 20 سنة والمذهب سواء سني أو شيعي فكلنا مسلمون في النهاية ولا يتكلم في هذا الأمر إلا صغار العقول.. وهو الآن شاب بالغ ونترك الاختيار له.. وأنا عمومًا عندي أصدقاء لا حصر لهم عددًا وهم على المذهب السني لم تتأثر علاقتي معهم ولا يوجد شخص علي المذهب الشيعي إلا وعنده أصدقاء من المذهب السني وزمن الطائفية ولَّى.. فماذا يضر لو كان ابني علي المذهب السني.. وأنا شخصيًا أعتبره مثل أصدقائي ممن هم علي المذهب السني.. هذا أولا، وثانيًا أن الله هو الذي يحاسب الشخص يوم القيامة وليس الناس ولا أنا،.. وأضاف: «إن هذا السؤال يتداول علي شبكات التواصل من بعض من يريدون أن تتفكك لحمة المجتمع السعودي وهدفهم الهدم لا البناء».
استشاري نفسي: احتواء "موسى" ومساعدته على التأقلم والتعليم
علق د.أسامة النعيمي استشاري أول الطب النفسي زميل الجمعية الأمريكية للطب النفسي على القصة بعد متابعتها كاملة طيلة الأيام الماضية قائلاً: مما لاشك فيه أن هذه الجريمة تركت آثارًا جسيمة على نفسية الضحايا إن صح التعبير وهنا لا نقصد الطفل المختطف وإنما أقصد الأب والأم والأخوة والأخوات أي العائلة كاملة وما يتبع ذلك من شعور الوالدين بالفقدان خصوصًا الام وثقتها فيمن حولها، وقد يترتب على ذلك أن العائلة تشعر حتى بعد استعادة الابن أن ثقتها في الآخرين غير ثابتة فستحاول الأم إبقاء ابنها أكبر فترة تحت رعايتها ونظرها لتعويض الفقدان وهذا الشعور بالفقدان لن ينتهي بانتهاء القصة وعودة الابن بل سيستمر فترة يمكن أن تقصر أو تطول حسب شعورهم بالأمان حسب شعورهم بالثقة.
وأضاف النعيمي: أيضا الطرف الآخر الابن نفسه قد لا يستطيع تقبل المفاجأة الجديدة وتغير حالته الاجتماعية والمادية من حال لحال ومقارنته مع إخوانه ومن الممكن أن يترسب في داخله بعض العتاب نحو إخوته أو الوالدين أو حتى المجتمع وأنهم لم يحافظوا عليه لدرجة أنهم عرضوه للاختطاف وبالتالي يتعرض لكمية من الضغوط والمشكلات النفسية والاجتماعية الناتجة عن عدم قدرته على التكيف مع واقعه الجديد وهنا يجب أن نناقش الحلول المقترحة للعائلة واعتقد أن الحل الأكبر سيكون أولاً وأخيرًا على العائلة في احتواء الابن العائد وتقبل الاختلاف الموجود ومساعدته على التأقلم على الحياة وإلحاقه بما فاته من سنوات تعليم وحتى الترفيه وفي نفس الوقت من الضروري توفر أخصائين اجتماعين ونفسيين لمحاولة مساعدة كل فرد في العائلة إذا احتاج الأمر.
ولم يستبعد النعيمي تعرض موسى مستقبلاً لبعض العبارات عند أي مشاحنة او مشاجرة فيظهر فجأة تعليق غير لائق يذكره بحياته السابقة وهنا يجب أن يكون دور الأسرة حازم جدًا، كما توقع الاستشاري أن يحظى الشاب العائد لأسرته بدفق من الحنان والمعاملة الخاصة من الأم والأب في محاولة في أن يعيدوا جزءًا من الحنان الذي فقده طيلة عشرين عامًا، ويجب على الإخوة والأخوات أن يتفهموا موقف الأب والأم وأنه أمر طبيعي ويجب أن يتقبلوا أن شقيقهم مختلف في هذه الجزئية عنهم ويحتاج فترة يتأقلم مع وضعه الجديد.
«موسى المخطوف» يعود إلى حضن أسرته بعد 20 عاما
تاريخ النشر: 18 فبراير 2020 23:07 KSA
الأب لـ "المدينة": مشاعري لا توصف.. والشقيق: لمسنا حنين أخي
A A