في حياتنا أشخاص هم هبة من رب العالمين، وجودهم يحدث لك تغييرًا جذريًا في حياتك، وتظل ممتنًا لهم ما بقيت الروح في الجسد.. في حياتنا محطات عمرية مختلفة، وفي كل مرحلة دروس وتجارب وأشخاص قد يحسنون إليك وقد يسيئون لك.. ولكن هناك مرحلة عمرية تحتاج فيها للتوقف والتأمل في مسيرة حياتك وتستعرض فيها تاريخك ماذا حققت وماذا تريد أن تحقق فيما تبقى لك من سنوات عمرك؟
في مطلع كل عام هناك مراجعات للخطط المستقبلية ورؤى وأهداف نسعى لها، ومن يدرب على التخطيط يعي تمامًا أهمية الرؤية والرسالة والهدف، ويعي معنى التوازن في مجالات الحياة، الروحية والنفسية والمالية والعاطفية والفكرية والصحية.. قد تجري بنا الأيام ونغفل جانبًا من جوانب حياتنا وننهمك في مجال العمل والإنجاز والطموحات الفكرية والعلمية وتبقى الروح تبحث لها عن موقع في هذا الزحام حتى تستكين وتهدأ وتطمئن وتشعر بالأمان والراحة، حينها تعود العجلة لتوازنها ويعود الفكر أكثر إبداعًا وتميزًا والعطاء أكثر بريقًا والجسد يتعافى من علل قد سكنت فيه سنوات طويلة، ولا مجال للاستغراب أو الدهشة فعالم الأرواح سره عجيب لا يعلم مداه إلا من خلق هذا الروح لتستوطن أجسادنا الفانية.. الروح هي الباقية وهي من تصنع الفارق في حياتنا.
قد نعيش ونلتقي ونعاشر أناسًا كثر ولكن أرواحهم لا تهواها أرواحنا بل هناك من تنفر منهم الروح ولا تستطيع مخالطتهم أو معاشرتهم وذلك ما أكد عليه نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، حين قال إن الأرواح جنود مجندة ما تقارب منها ائتلف وما تباعد منها اختلف.
ما أجمل أن يضع القدر في طريقك روحًا تألفها وفكرًا يواكب فكرك وطموحًا يتوافق مع طموحك فيحدث التناغم في أرقى صوره الإنسانية.
من أجل غد أجمل لابد أن ننظر للجانب المشرق من الحياة ونعيش مشاعر الامتنان، فالامتنان هو أسلوب حياة نعيشه كل يوم، وحين نعيش اللحظة بكل تفاصيلها هذا ما يجعلنا في تواصل دائم ومستمر مع الكون الشاسع ومع الخالق الذي غمرنا بنعمه وكرمه فترتقي أرواحنا في ملكوت الله.
الامتنان يولد طاقة روحية ويحول كل الطاقات السلبية الى طاقات إيجابية ويجلب المزيد من السعادة للحياة.. من خلاله تتولد مشاعر التسامح والإكثار من الحمد والشكر وتتولد الوفرة في عالمنا المادي، وفي قوانين الفيزياء العجيب منها والغريب الذي لا ينطبق فقط على المادة وذرات الكون بل أيضًا على المشاعر والأحاسيس، تخصصي الفيزيائي أحن إليه دومًا، كانت لي ومازالت مواقف إنسانية عميقة، ففي حياتي أخت وصديقة عمر تكثر الحديث عن الموجات الكهرومغناطيسية وعن التجاذب الفكري بيني وبينها ونحن على مقاعد الدراسة وعن التوافق العجيب في افكارنا، كم افتقد وجودها اليوم في حياتي ولكن بقايا أوراق وذكريات جمعتنا من أكثر من ثلاثين عامًا مازلت احتفظ بها.. وقد نلتقي يومًا إن فعلت قوانين الفيزياء فعلها فلكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة في الاتجاه.. سنلتقي بأرواح نألفها وتألفنا وستظل الحياة عامرة بالكثير من المفاجآت السارة وتحقيق الأحلام على أرض الواقع إن كنا من ذوي الهمم العالية والإرادة القوية وممن يمتلكون مهارات عليا في التخطيط ويعرفون رسم رؤاهم ورسالتهم في الحياة لتبقى آثارهم تخلد ذكراهم عبر السنين.