يظن بعض الإداريين أن العمل الإداري يشترط لنجاحه إغضاب العاملين في ذات المجال والغلظة في التعامل وعدم إراحتهم والاجتهاد في تشتيت نفوسهم وزعزعة استقرارهم في تلك الإدارة، والبحث عن جزئيات صغيرة تثير أعضاء الإدارة فيشغل نفسه بها ويهتم بتفاصيلها متناسياً الأهم وهو الإنتاجية وسرعة الإنجاز، وسلامة الأداء.. هو بذلك يسعد نفسه معتقدًا أنه أثبت قوة شخصيته وهيمنته على العمل وفرض أكبر القيود وأصعب الأجواء العملية وأشرس الظروف، فعلامات الغضب في وجوه العاملين هو الهدف الأسمى له، وعلامات الرضا في أوساط إدارته لا يشعر معها إلا بخيبة أمل وعدم رضاه عن نفسه.
الإدارة هي الوصول إلى أفضل النتائج بأسرع الطرق وأسهلها وأقلها تكلفة، فمن وصل بطريق سهلة ميسرة استطاع تكرار الوصول لتلك النتائج ويسعى للتقدم نحو نجاحات تلو نجاحات، لكن من جعل هدفه إرغام العاملين على ما كرهوه وتضجروا منه فلن يفلح في ذلك، فالنجاح إن لم يبدأ من أصغر العاملين بدعم رئيس الإدارة فلن يتحقق ولن يصل إلى ما تهدف له الإدارات الأخرى.
الإدارة هي البيئة الحقيقية الجالبة لنجاح العاملين والداعمة لتفانيهم وبذل المزيد، وأكثر ما يدفع للنجاح القائد المحنك الذي يحتوي العاملين ويذلل لهم الصعاب ويبحث لهم عن أيسر الطرق وأسهلها ويقلل من العقبات والمزعجات والمؤذيات.
القائد الناجح أخ وأب وصديق وناصح بقدر ما يعطي الآخرين من أخوته فهو كذلك يرشدهم للطريق الصحيح ويسبقهم في ذات الطريق يقف مواقفهم ويعمل معهم ويشعر بما يشعرون به فيدرك مواطن النجاح وسبله فيسعى لتحقيق الحقائق والابتعاد عن ما يؤرق دون نتيجة تذكر.
من اهتم بصغائر الأمور لن يصل إلى كبارها وسيضيع بين فتاتها وسيجد نفسه بعد أعوام وأزمان يدور في مرحلة واحدة وأفق.
الإدارة تتطلب مهارات مختلفة يلزم اجتيازها والحصول على شهادات تؤهل العاملين في الإدارة لخوض تلك التجربة، ففشل الإداري وضعف مهاراته يؤدي لفشل الإدارة أجمع، ونجاحه يقود لنجاح إدارته.. لذلك نحن بحاجة إلى قيادات تمتلك مهارات القيادة لا تمتلك الصوت فقط.