الخطوات التنفيذية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية بخصوص تعليق التأشيرة للعمرة عمومًا أو تأشيرات السياحة للعديد من الدول ذات العلاقة بانتشار فيروس كورونا تعد بحق خطوات وقرارات ناضجة ومطلوبة إلى أبعد الحدود ومواكبة للمفهوم الصحي، وفي نفس الوقت اتباع للمنهج النبوي حيث هناك أحاديث نبوية توجيهية بهذا الصدد من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام فيما يرويه أبوهريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري ومسلم: (لا يوردن ممرض على مصح)، ففي هذا الحديث أمر نبوي ألا ننزل الإبل المريضة على السليمة أي لا تجعلوها تدخل عليها لأنها ستصاب بنفس المرض، وفِي الحديث الصحيح الآخر قوله عليه السلام (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد) متفق عليه، وهنا أربعة أشياء هي من أمر الجاهلية والعقيدة الخرافية (العدوى، الطيرة، الهامة، صفر) وكل واحدة منها لها شرحها ويهمنا هنا أن العدوى هنا المقصود بها العدوى الخرافية التي كانت في الجاهلية وهي أن الشياطين وآلهتها المزعومة تتسبب في المرض ونقل العدوى وهو ما ذهب إليه بعض العلماء من أن كلمة «لا عدوى» تؤكد على ضرورة التوكل على الله وتصحيح العقيدة في النفوس من أن المسبب الحقيقي لأي مرض إنما هو الله بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجه بآخر الحديث إلى الأخذ بالأسباب بقوله: (وفر من المجذوم كما تفر من الأسد) وهو الأخذ بمبدأ العدوى بمفهومها العلمي وهو انتقال المرض من المريض إلى السليم وهو ما وضحه الحديث السابق (لا يوردن ممرض على مصح) وهو نصح صريح صحيح في الحجر الصحي بالاضافة الى الحديث الصحيح الآخر: (إذا سمعتم به -أي الطاعون- في أرض فلا تقدموا عليها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه) وهو قاعدة علمية في مواجهة الأمراض الوبائية بنظام الحجر الصحي تم تطبيقها في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وباء الطاعون وقوله المشهور: «نفر من قدر الى قدر».
إن اتخاذ خطوات احترازية تمكن المجتمع والنَّاس من الحفاظ على صحتها ومحاصرة الأمراض المعدية وإلغائها والتغلب عليها هو مما يتمشى مع الخطوات الاحترازية والمعايير العالمية للصحة والتي تم تطبيقها أولاً بأول في جميع دول العالم، والمملكة في إجراءاتها الاحترازية في ما يخص تعليق التأشيرات للعمرة أو السياحة إنما يكون ذلك منها مشاركة للصحة العالمية في القضاء على فيروس كورونا الذي حصد إلى الآن أرواح ٢٨٠٠ شخص وأصيب به عشرات الألوف وانتشر في دول العالم بسبب تنقل الناس الحاملين له من دولة إلى دولة وحيث أن الحرمين الشريفين يمثلان مكانًا تلتقي عنده جميع الجنسيات ومن دول شتى وفيروس كورونا ينتقل من خلال الرذاذ والتنفس فإن الاحتياط واجب والحكمة أن نتعامل معه في ما يقضي عليه ويحاصره وهو جهد مبارك من حكومتنا الرشيدة ممثلاً بوزارة الصحة.