Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الصحيح.. في اختلاط العامي بالفصيح!

الحبر الأصفر

A A
فِي اللُّغَة، هُنَاك كَلِمَات يَعتَقد البَعض أَنَّها عَاميَّة، ولَا تَمتُّ إلَى العَربيَّة الفُصْحَى بنَسَبٍ، ولَكن إذَا تَأمَّلنَا القَوَاميس، وبَحثنَا فِي المَعَاجِم، لوَجدنَا أَنَّ أَغلَب الكَلِمَات التي يَستَخدمهَا النَّاس، فَصيحَة، أَو قَريبَة مِن الفَصيحَة..!

مَثلاً، كَلِمَة «سَبَهْلَلَة»، قَد يَظنُّ البَعض أَنَّها تَسرَّبت لأَلسنتنَا؛ مِن اشتقَاقَات العَوَام، ولَو قَرَأنَا فِي الآثَار، لوَجدنَا أنَّها استُخْدِمَت؛ وبذَات المَعنَى السَّليم، والذي نَستَعمله نَحنُ أَيضًا؛ كجُزء مِن أَحَاديثنَا العَاميَّة..!

فقَد جَاء الأَثَر المَذكور عَن «عمر» -رَضي الله عَنه- بلَفظٍ: إنِّي لأَكرَه أَنْ أَرَى الرَّجُل «سَبَهْلَلا»، لَا فِي عَملِ دُنيَا، ولَا فِي عَملِ آخِرَة، ومِثله فِي المَعنَى والأَلفَاظ عَن «ابن مسعود» -رَضي الله عَنه- قَال: إنِّي لأَمقُت الرَّجُل، أَرَاهُ فَارِغاً، لَيس فِي شَيءٍ مِن عَملِ دُنيَا ولَا آخِرَة، وهَذه الآثَار ذَكرهَا «السّخَاوي» فِي المَقَاصِد الحَسنَة، و»الزَّيلعي» فِي تَخريج الأَحَاديث والآثَار، و»العَجلُوني» فِي كَشفِ الخَفَاء، و»السَّبَهْلَل» مَعنَاه فِي اللُّغَة «الفَارِغ»، كَمَا فِي لِسَان العَرَب..!

وكَلِمَة «بِزْر»، التي تُطْلَق عَلَى الأَطفَال، أَيضًا فُصحَى! وأَصلهَا مِن كَلِمَة «بِزر»، وهو كُلّ حَبٍِّ يُبْزَر للنَّبَات. وفِي معجمِ المَعَانِي الجَمع: بُزُور، بزورَة، البَزْرُ: الحَبُّ يُلْقَى فِي الأَرضِ للإنبَات. البَزْرُ الأَولَاد، مَصدر بزَرَ. ولَو أَكمَلتُ ضَرب الأَمثِلَة، لمَا كَفَى مَقَالٌ وَاحِد، ولَا مَقَالان، للحَديث عَن الكَلِمَات الفَصيحَة، التي اعتدنَاهَا فِي العَاميَّة، حَتَّى أَضعنَا أَصلَهَا الفَصيح. فهُنَاك مَثلاً كَلِمَات: «خُش»، و»حُط»، و»خبّص»، و»زَحلَق»، و»قُدَّام»، و»كَركَرَة».. إلَى آخِرهِ مِن الكَلِمَات..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: هَذا التَّقَارُب الكَبير بَين العَاميَّة والفُصحَى يُسعدني، فأَنَا أُحب الفُصْحَى، لَكنَّني لَستُ مِن المُتحرِّجين مِن استعمَال العَاميَّة. فالعَاميَّة -أَحيَانًا- أَقرَب لقلُوب النَّاس، ووَسيلَة أَنفَع لتَقريب الأفكار إليهم..!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store