مثل ما تعودنا دائماً، أن نسمع الفتوى من كل عابر، وكل مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعية في نشر أو المشاركة بكل أنواعها في الوباء المنتشر في أنحاء العالم، هذا الابتلاء الله وحده يعلم مكوناته ومصدره وغير ذلك يعتبر من التكهنات غير العلمية وغير المعلومة حتى الآن، ومع ذلك تظل التداولات تنتشر بشكل لافت ومشين، بل ومخيف أيضاً، لدرجة أن سرعة انتشار المعلومات عن هذا المرض والوقاية منه، أصبحت بين العامة من الناس كباراً وصغاراً، حتى اختلطت الحقيقة مع الخيالات والمؤامرات المختلقة.
كورونا هو مرض العصر الذي انتشر في أرجاء الأرض بكل قوة، يفتك ويدمر، كل شيء بدءاً بالإنسان حتى السياسة والاقتصاد، ولا نملك أمامه إلا الدعاء الى الله وأخذ الاحتياطات اللازمة والصادرة من الجهات المختصة والرسمية فقط، والاحتياط واجب من باب الحذر والحد من التوسع في الانتشار.
معظم الدول أخذت بأسباب الوقاية للحد من انتشار المرض، والمملكة تقدمت بخطوات وإجراءات استباقية للمكافحة عبر جميع منافذها، ووضعت الأنظمة اللازمة لكافة الأجهزة الحكومية للتعامل مع ظهور المرض على أراضيها، ونشر التوعية الضرورية والأساسية، بدءاً من الحرمين الشريفين حتى المدارس والتجمعات المختلفة، التي يجب اتباعها والعمل بها، ولكن مع الأسف يظل البعض يمارس حياته دون الأخذ بالأسباب اللازمة للوقاية، واللجوء الى نشر الأكاذيب المختلقة بشكل عشوائي بعيداً عن الحقيقة ومصادرها الموثقة.
فتاوي كورونا الاجتهادية وصلت الى الكثيرين عبر منافذ مواقع التواصل بين تعليقات وتحذيرات ساخرة وبين الجاد والمختص منها، ولكن الكثير منها لم يصل الى المستوى الحقيقي الواجب اتباعه، وعدم التفريط في التحذيرات الصادرة من الجهات المختصة وهو المهم في مواجهة هذه الوباء وليس أي شيء آخر، والاجتهادات والتكهنات المفرطة أدت الى نشر الذعر بين الناس دون أي سبب مبرر لذلك، رغم صدور الفتاوي الشرعية الموثقة من علماء المسلمين حول التعامل مع هذا المرض، إلا أنه لا تزال هناك بعض الفتاوي تصدر من بعض من يدعون العلم بشكل مضحك وساذج، مثل فتوى في العراق تقول إن الفايروس لا يصيب المؤمن، وأخرى تقول بأن المصاب يعتبر شهيداً أو غير شهيد، وغيرها من الفتاوي التي لا تقدم أو تؤخر حول هذا الوباء. والأهم هو الإيمان بقدر الله والاحتماء بالدعاء والأذكار الشرعية الصحيحة التي أمرنا بها لحفظ أنفسنا ومن حولنا.
أخيرا تذكروا جيداً أن أمر الله نافذ لا محالة ولا هروب منه إلا إليه وحده، وأن ما يصيبنا هو مكتوب ومقدر لنا، والوقاية أمر لابد منه، وأن كل أمر يحدث لنا من الله فهو خير لنا، حتى لو بدا غير ذلك، اعقلوها وتوكلوا على الله، وتذكروا دائماً قوله تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.