مستمر كوفيد 19 في الإنتشار، واليوم أصبحت معظم دول العالم مصابة بهذا الداء بما فيهم دول العالم العربي.. تابعت ما صرح به وزير الصحة معالي الدكتور توفيق الربيعة عن هذا المرض وما قامت به الوزارة من إجراءات تجاه هذا الوباء العالمي.. الفيروسات (Viruses) هي أصغر حجمًا من البكتيريا، وأكبرها لا يتجاوز حجمه مثقال ذرة، ولم يستطع العلماء مشاهدة الفيروسات إلا بعد اكتشاف المجهر الإلكتروني في أواخر القرن العشرين، ومن حيث الشكل فالفيروسات إما أن تكون عضوية أو كروية.
يتركب الفيروس من جدار بروتيني يحتوي بداخله الحمض النووي (R.N.A) أو(D.N.A) إحداهما فقط مثل باقي الكائنات الحية.. لهذا السبب فالفيروسات لا تعيش إلا داخل الخلايا الحيوانية والبشرية، أو داخل خلايا بكتيرية أو نباتية حية ولا تنمو أو تتكاثر إلا داخل الخلايا الحية، ولم يستطع العلماء تنميتها في وسط إصطناعي كما هو الحال في البكتيريا.. ويختلف العلماء في تحديد ما هي الفيروسات، فبعضهم يصنفها مع الكائنات الحية لأنها تتكاثر داخل الخلايا الحية، والبعض الآخر يصنفها من الجمادات على اعتبار أنها لا يمكن أن تتبلور عندما تكون خارج جسم الكائن الحي، ولذلك لا نستطيع اعتبار الفيروسات كائنات حية بشكل مطلق، كما لا نستطيع اعتبارها جمادًا، فهي تمتلك صفات الكائنات الحية والجمادات معًا.
وعبر تاريخ الإنسان تسبب الفيروسات أمراضًا عديدة جدًا للإنسان والحيوان والنبات، ولقد جاهد الإنسان كثيرًا عبر تاريخه الطويل في مقاومة الأمراض الفيروسية التي فتكت بالملايين من البشر.. ولأن الفيروس يتعرض إلى عملية حيوية اسمها denaturation بسبب أن الحامض النووي الموجود فيها هو إما RNA أو DNA فهذا يعطي الفيروسات القدرة على التغيير السريع في صفاته مما يجعله سريع الانتشار والتكاثر في داخل الكائن الحي الذي يعيش فيه.
كذلك هذه الصفات للفيروس تحميه من المضادات الحيوية القاتلة للبكتيريا وإنتاج مضاد حيوي قاتل للفيروس عملية معقدة وغالية وطويلة المدى، حتى إنتاج اللقاحات ضد الفيروس يتطلب إجراءات معقدة ومكلفة وطويلة لا تقل عن سنة.. لهذه الأسباب تعتبر الفيروسات أصغر وأقوى عدو للإنسان ومقدرته في القضاء على أرواح البشر والحيوان والنباتات تفوق مقدرة السلاح النووي بملايين المرات.. وأقرب مثال يخطر لي هو ما أصاب الإنسان حول العالم في عام 1918م عندما تعرض لفيروس إنفلونزا الخنازير (آنذاك) فأصاب حوالي 500 مليون نسمة وقتل خمسين مليون إنسان في ذلك العام.. ولكن فيروس انفلونزا الخنازير يختلف كليًا عن الفيروس الحالي الذي بدأ في الصين ولا علاقة بينه وبين فيروس عام 1918م ولله الحمد.
العالم اليوم في عام 2020م ليس في عام 1918م في علمه وقدرته وتواصله.. عبر مقالاتي القادمة إن شاء الله أوضح الكثير عن هذا المرض كوفيد 19.. فمرض الفيروسات أقوى وأشد فتكًا من أي سلاح نووي رغم صغره فصدق من قال: «إن الله يضع سره في أضعف خلقه».