Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الرئيس البرازيلي يعزل نفسه سياسيا بعد رفضه إجراءات الحجر لاحتواء كورونا

A A
ينتشر على شبكات التواصل الاجتماعي في البرازيل رسم ساخر يظهر ديناصورا يحدق في نيزك على وشك إبادة جنسه ويقول "تبا سيكون هذا سيئا للاقتصاد"، في استهزاء كما يبدو بطريقة إدارة الرئيس جايير بولسونارو أزمة فيروس كورونا بعدما رفض إجراءات التباعد الاجتماعي تخوفا من تداعياتها الاقتصادية.

وقارن بولسونارو، اليميني المتطرف، الفيروس الجديد ب"انفلونزا بسيطة" معتبرا أنه تسبب برد فعل "مبالغ به"، وهو يرفض تدابير مثل إغلاق المدارس والأنشطة التجارية.

ويتناقض هذا مع موقف منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة البرازيلية وإجراءات العزل التي يطبقها نحو نصف سكان الأرض للحد من انتشار الفيروس. لكن الرجل الذي يطلق عليه إسم "ترامب البرازيل" نظرا لأسلوبه المستفز، تشبث بموقفه فيما وصل الوباء إلى البرازيل التي سجلت أسوأ الأضرار في أميركا اللاتينية مع 5717 إصابة و201 وفاة حتى الآن.

والأحد وعوضا أن يلزم منزله، نزل بولسونارو إلى شوارع برازيليا وصافح أنصاره والتقط الصور ودردش معهم وشجعهم على الحفاظ على عجلة الاقتصاد. وقال "علينا أن نواجه هذا الفيروس، لكن مواجهته كرجال ليس كأولاد. علينا أن نواجهه بواقعية. هذه الحياة. كلنا سنموت يوما ما". وأضاف "علينا اتخاذ تدابير الوقاية مع المسنين والأشخاص الأكثر عرضة للخطر. لكن من الضروري حماية الوظائف".

قامت شركات تويتر وفيسبوك وانستاغرام بحذف جميع فيديوهات بولسونارو التي نشرها ذلك اليوم وقالت إن المحتوى ينتهك سياساتها المتعلقة بنشر المعلومات المضللة التي من شأنها أن تلحق الأذى بالناس. وخفف بولسونارو لهجته قليلا في خطاب إلى الأمة مساء الثلاثاء فوصف الفيروس بأنه "أكبر تحد لجيلنا" وأقر بأهمية التدابير الوقائية في تنازل لمنتقديه.

غير أنه كرر رسالته المتعلقة بالاقتصاد وشدد على أن "الآثار الجانبية لمكافحة فيروس كورونا المستجد لا ينبغي أن تكون أسوأ من المرض نفسه".

آراء محفوفة بالخطر

وتتزايد عزلة بولسونارو بسبب آرائه الرافضة للعزل. فقد تخلى قادة مثل الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء بوريس جونسون الذي يخضع للعزل الذاتي بعد أن أصيب بالفيروس، عن تلك الآراء. ويواجه بولسونارو عاصفة من الانتقادات إزاء مواقفه. فالبرازيليون المعارضون له دأبوا على طرق الأواني من نوافذهم كل ليلة تعبيرا عن الاحتجاج. والقادة اليساريون يطالبونه بالاستقالة بسبب "جرائمه" بحق الصحة العامة. أما سلطات الولايات والسلطات المحلية فتتجاهله بشكل أساسي. بل حتى بعض الحلفاء الرئيسيين ينأون بانفسهم عنه.

وقال توماس فافارو من شركة "كونترول ريسكس" (الحد من المخاطر) الاستشارية "آراؤه محفوفة بالمخاطر. إنها تخلق تفرعا زائفا بين إنقاذ الأرواح وحماية الاقتصاد". وأضاف لوكالة فرانس برس "تظهر الدراسات أن التباعد الاجتماعي لا يسهم فقط في منع انهيار المنظومة الصحية، بل يساعد على الانتعاش الاقتصادي بعد الوباء العالمي". فاز بولسونارو في انتخابات 2018 على وعد بتنشيط أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية بإجراءات تقشف وعمليات خصخصة وإصلاحات مالية. ويهدد الوباء العالمي الآن بإطاحة ذلك المشروع وتسديد ضربة للاقتصاد وربما إجبار الحكومة على القيام بإنفاق تحفيزي ضخم.

وحذر خبراء من محاولة مواصلة الأمور كالمعتاد. وقال الكسندر شوارتسمان، المسؤول السابق في البنك المركزي البرازيلي "إذا سمحنا للوباء بالخروج عن السيطرة، ستكون التداعيات الاقتصادية ربما أسوأ". وقال لموقع جي-1 الاخباري "حان الوقت لإبقاء الناس في منازلهم والتفكير في طرق لمساعدتهم على تسديد فواتيرهم. يتعين أن يأتي الحل من الدولة، وستكون تكلفته باهظة". أعلنت الحكمة البرازيلية عن عشرات مليارات الدولارات بشكل إنفاق تحفيزي لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والفقراء. لكن ردها يعد ضئيلا نسبيا مقارنة بما تفعله دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة وأوروبا.

عزل عمودي

تحدث بولسونارو عن محاربة الوباء بإجراءات "عزل عمودي" أي عزل الأشخاص الأكثر عرضة للخطر وجعل باقي أفراد المجتمع يزاولون حياتهم كالمعتاد. غير أن الخبراء حذروا من مغبة ذلك. وقالت خبيرة الأمراض المعدية إليانا بيكودو إن "عزل المسنين فقط وعدم عزل الآخرين من دون معرفة كيف يتصرف الفيروس وينتشر في البرازيل، ليس الإجراء الصحيح".

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store