يشتكي البعض اليوم من الفراغ والملل ومن طول الوقت الذي يقضيه في المنزل فلا خروج للعمل ولا خروج لاجتماعات أو رحلات سفر ولا زيارات أو طلعات أو غيرها من الارتباطات الاجتماعية الأخرى، خصوصًا بعد منع التجول على مدار 24 ساعة يوميًا في معظم محافظات ومدن المملكة، إذ أصبح الخروج فيها في أضيق نطاق وللبالغين فقط ولقضاء الاحتياجات الضرورية كالتموين والرعاية الصحية داخل نطاق الحي السكني وخلال فترة زمنية محددة لتقليل المخالطة إلى الحد الأدنى ضمن الإجراءات، التي يتم اتخاذها للحفاظ على الصحة العامة ومنع انتشار فيروس كورونا المستجد وللمصلحة العامة.
في السابق كان البعض يتعذر بضيق الوقت، وأنه لا يستطيع أن يقوم ببعض الأعمال أو الالتزامات وخصوصًا الأسرية أو الفردية..
فإن سألته كم كتابًا قرأت؟ فيقول لا يوجد وقت، وإن سألته هل قمت بالواجبات المنزلية للأسرة؟ فيقول لا يوجد وقت، وإن سألته هل تواصلت مع أقاربك بأي وسيلة اتصال وسألت عنهم؟ فيقول لا يوجد وقت، وإن سألته هل قمت بأي برنامج رياضي فردي لتحافظ على صحتك؟ فيقول لا يوجد وقت، وإن سألته عن أي أمر لم يقم به فالجواب الأول الذي يكون حاضرًا لديه هو «لا يوجد وقت».
اليوم وفي ظروف الحجر المنزلي يتمتع الكثيرون- ولله الحمد- بالصحة والعافية كما يتمتعون- ولله الحمد- بنعمة توفر الوقت، والتي قد يكون البعض حرم منها في الماضي فلم يستطع أن يقرأ كتابًا أو رواية أو الاطلاع على بعض البحوث والدراسات العلمية أو حضور بعض الدورات التدريبية الموجودة على الإنترنت أو تعلم بعض أساسيات بعض اللغات أو البحث في اليوتيوب عن العديد من الدروس العلمية أو قضاء وقت في اللعب والترفيه مع الأبناء داخل المنزل في ألعاب مختلفة أو القيام بهواية كان يقوم بها في الماضي ثم توقف عنها لضيق الوقت كالطبخ أو مشاهدة بعض الأفلام والأعمال الفنية أو حتى المسرحيات القديمة مع الأبناء ولعل قناة (ذكريات) التي تم إطلاقها مؤخرًا تعد فكرة جميلة من وزارة الإعلام لتجتمع الأسرة مع بعضها البعض فيتذكرون الماضي الجميل أو حتى الإلتقاء الأسبوعي مع باقي أفراد الأسرة عبر وسائل التواصل الافتراضية.
(التباعد الاجتماعي الجسدي) يجب أن يكون فرصة عظيمة لمن كان يشتكي من قلة الوقت لعدم قيامه ببعض المهام فهو اليوم في مكان واحد بل قد يكون في غرفة واحدة فلا يحمل هم الخروج أو توفر المواصلات أو وجود الزحام أو غيرها من الأمور فكل شيء بين يديه ويمكنه أن يقوم بعشرات الأشياء في هذا الوقت خلال اليوم فلنحرص على استغلال هذا الوقت حتى لا نندم على إضاعته بعد ذلك ونحن لم نقم بالاستفادة منه.