أين تلك الصور الجميلة، أين غابت واختفت واختفى معها عبق الماضي وعراقته، غابت تلك الوجوه التي تقابلك بابتسامة وتعاملك بصفاء وحب وود بدون مداهنة، عشنا معهم ورأينا كيف يسكن الحب قلوبهم ينتظرون ويرجون رحمة السماء دائمًا، ويرفعون أكفهم ليسألون عز وجل المغفرة والثواب، هذا الحب والنقاء تحمله قلوبهم في أبهى صورة بينهم، صنع مشاعر المودة حولهم، ذكريات لا تمحوها السنين، رائحة الماضي فيها مازالت تفوح، ليتها تعود، حورية تغني بعذوبة.
****
هذا البلد الأمين مهبط الوحي، منبع الرسالات السماوية، قطعة من الأرض للسماء، مكة التي ملكت القلوب وسلبت الأفئدة إجلالا ومهابة، فهي بحق عاصمة للمسلمين في الطهر والنقاء، وابن بطوطة في رحلته الشهيرة يصور بعبارات بديعة لهذا البلد الأمين.. ومن عجائب صنع الله أنه طبع القلوب على النزوع إلى هذه المشاهد المنيفة والشوق للمثول بمعاهدها العريقة وجعل حبها متمكنًا في القلوب.. فلا يحلها أحد إلا أخذت بمجامع قلبه ولا يفارقها إلا أسفًا لفراقها، متولهًا لبعاده عنها، شديد الحنين إليها ناويًا تكرار الوفادة إليها، فأرضها المباركة نصب الأعين ومحبتها حشو القلوب.. حكمة الله بالغة وتصديقًا لدعوة خليله إبراهيم عليه السلام.
****
وداعًا أبا أيمن.. رحمك الله رحمة الأبرار والصالحين.. أقف أمام رهبة الموت، نعم إنها الحقيقة الصادقة، والنهاية لكل حي، وعجيب أمر هذه الحياة الفانية، من نحبهم ونودهم نحثو بأيدينا التراب عليهم، ولكنها سنة الحياة، ولكن فراق الأحبة صعب.. وداعًا عمر علي أياز، الابن البار لهذا الوطن ولعروس المصائف الطائف الأنيق.. من الصعب جدًا أن تكتب عن شخص تحبه وتحترمه وتكن له كل التقدير، إنسان يفرض حبه على الجميع، قصة تطول تفاصيلها وذكرى من ماض جميل، أستعيد كثير من ذكرياتها وأمامي كثير من الكلمات لا توصف هذا الرجل النبيل المهذب، لم أرك أبا أيمن إلا ووجهك مبتسمًا تبسط وجهك السمح للجميع، يغبطك الكل على أخلاقك العذبة.. ومن حق الكتابة أن تقول بأن النفس كانت ترتاح لك وتألفك الأذن.. نعم أبا أيمن، يعيش في هذه الدنيا أناس يكرسون حياتهم بأخلاقهم للآخرين أكثر من التفاتهم لأي شي آخر، كيف لا وأنت نهلت من مدرسة العم علي أياز -رحمه الله- ذلك الرجل الذي لا تملك إلا أن تحبه وتحترمه وتسمع له حميد السجايا كريم الخصال، رحمك الله.. نستودعك رحمة المولى عز وجل.. ووداعًا إلى جنة الخلد بإذن الله.