الحمد لله الذي أمر بتحصيل العلم والازدياد منه، وفضَّل الله به بعض الناس على بعض، ورفع مقامهم لديه، فقال تعالى في محكم التنزيل: «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات»، وقال تعالى: «وقل ربِّ زدني علماً»، وقال تعالى في موقع آخر (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً). وهناك قول للإمام الشافعي:»كلما ازددتُ علما ازددتُ علماً بجهلي». وبدون أدنى شك أن للعلم أهمية كبيرة لدى العقلاء من الناس. ووصفُ العَالِم ينطبق على كل شخص يملك العلم، سواء كان ذلك الشخص مسلماً أو غير مسلم، فقيراً أم غنياً، صالحاً أو غير ذلك. تزداد أهمية العَالِم بقدر العلم الذي يحمله، فكلما كانت حاجة الناس الى ذلك العَالِم شديدة، كان اهتمامهم به أكبر. وبالتأكيد فإن العُلوم التي تخدم البشرية وتسهم في تقدمها ورقيها لها أولوية كبيرة لدى الناس. ولا شك أن العقل وسيلة بين الحق والباطل وله القدرة على التمييز بين ما هو صواب وخطأ أو ما هو عكس ذلك على اعتبار أن العقل يزود الإنسان بالأسباب والأدوات التي تؤدي الي إدراك الأمور والقضايا وتميزها وتحليلها واختيار الأصوب والأصلح. كما أن نعمة العقل من بين النعم التي أنعم الله عز وجل بها على الإنسان وبها ميَّزه عن سائر الكائنات الأخرى، وهناك العديد من الآيات الكريمات التي تتحدث عن العقل، ومنها قوله تعالى (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب)، وذكر المفسرون أن أولي الألباب في هذه الآية الكريمة هم أصحاب العقول. ومن هنا فلا يمكن الفصل بين العلم والعقل، إذ إن تمام العلم لا يكون إلا بتمام العقل، وهناك جدل كبير بين الناس فمنهم من يرى أفضلية العلم، ومنهم من يرى أن العقل في المقام الأول وآخرون قالوا كيف نتصور العقل والجهل. وحول هذا الجدال، أجرى أحد الأدباء مناظرة لطيفة بين العلم والعقل وصاغها في أبيات شعرية يتحدث فيها كل منهما عن شرفه وعلو مكانته وقدره، يقول الأديب الذي أجرى المناظرة: -
عِلم العليم وعقل العاقل اختلفا... من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
فالعلم قال: أنا أحرزت غايته... والعقل قال: أنا الرحمن بي عرفا
فأفصح العلم إفصاحاً وقال له... بأيِّنا الله في قرآنه اتصفا؟
فبان للعقل أن العلم سيده... فقبَّل العقل رأس العلم وانصرفا
المناظرة انتهت الى أن العلم مقدم على العقل، والعقل من دون علم يفقد الكثير من ملكاته وإمكاناته التي حباها الله تعالى له. وهناك من يرى أن تكامل الاثنين معاً، له أهمية كبيرة بالنسبة للإنسان والحياة بشكل عام.
قال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهمُ... على الهُدى لمن استهدَى أدلَّاءُ
ووزن كل امرئ ما كان يحسنه... والجاهلون لأهل العلمِ أعداءُ.