التَّسَامُح أَمرٌ مُحيِّر، فرَغم عثُورنَا فِي يَوميَّاتٍ سَابِقَات عَلَى تَعرِيفَات، لكَثيرٍ مِن الأُدبَاء والفَلَاسِفَة، للتَّسَامُح، تُؤكِّد أنَّه مِن الفَضَائِل التي يَحرص عَليهَا العُقلَاء، إلَّا أنَّنا فِي المُقَابِل، عَثرنَا عَلَى أَكثَر مِن تَعريف لأُدبَاءٍ وفَلَاسِفَة آخَرين، يَعتَبرون فِيهِ؛ أنَّ التَّسَامُح مُجرَّد حِيلَة دِفَاعيَّة يُقدِم عَليهَا العَاجِز، حِينَ يَستَنزِف كُلّ أَسلِحَتهِ الهجُوميَّة، وستَجدون كَثيراً مِن المُفَارَقَات فِي هَذه اليَوميَّات:
(الأحد): الأَديب السَّاخِر «أوسكار وايلد»؛ مِن المُعَادين لمَفهوم فَضيلة التَّسَامُح، فهو يَقول: (سَامِح أَعدَاءك دَائِماً، فلَا شَيء يُضَايقهم أَكثَر مِن ذَلك)..!
(الاثنين): ذَكَرْنَا أَنَّ عَلَاقة الزَّعيم الهِندي «غاندي»؛ لَيسَت حَميميَّة مَع مَفهوم التَّسَامُح، حِينَ عَبَّر عَن تَحفّظه قَائِلاً: (لَا أُحبّ كَلِمَة التَّسَامُح، إنَّمَا لَا أَجد أَفضَل مِنهَا)، لَكن يُحمَد لـ»غاندي» أنَّه يَقبل الاختِلَاف، حَتَّى مِن أَقرَب المُقرّبين إليهِ، والدَّليل أنَّ ابنَته الزَّعيمَة السِّيَاسيَّة «أنديرا غاندي»؛ عَبَّرت عَن اختِلَافهَا مَع وَالدهَا، حِينَ قَالَت بوضُوح: (التَّسَامُح شِيمة الشُّجْعَان)..!
(الثلاثاء): هُنَاك حِكمَة لأَحد الفَلَاسِفَة تَقول: (مَن يَعرف كَثيراً يَغفر كَثيراً)، ورُبَّمَا حَاول الأَديب «غراهام غرين»؛ إعَادة صيَاغتهَا بطَريقتهِ الخَاصَّة، حِينَ قَال: (إنْ عَرفنا الحَقَائِق، سيَكون بإمكَانِنَا التَّسَامُح فِي مُعظم الأَشيَاء)..!
(الأربعاء): لَم أَتفَاجأ حِينَ اكتَشفتُ أَنَّ الأَديب «تشيسترتون» -أَيضاً- عَلَى خِلَاف مَع مَفهوم فَضيلة التَّسَامُح، فهو لَن يَكون أوّل ولَا آخِر مَن يُعَادِي التَّسَامُح، لِذَلك لَم أَستَغرب أَنْ أَقرَأ لَه عِبَارة يَقول فِيهَا: (التَّسَامُح فَضيلَة مَن لَا يَملك قَنَاعَات رَاسِخَة)..!
(الخميس): أَعتَرف أنَّني رُبَّما تَسرَّعتُ قَبل يَومين؛ حِينَ اتَّهمتُ الأَديب «غراهام غرين»؛ بمُحَاولة إعَادة صيَاغة حِكمَة أَثيرَة تَقول: (مَن يَعرف كَثيراً يَغفر كَثيراً)، فرُبَّما تَكون هِي – أَيضاً- مُستَنسَخَة مِن تُرَاث «بُوذَا»، حَيثُ يَقول: (أَنْ تَفْهَم كُلّ شَيء، يَعنِي أَنْ تَتَسَامَح فِي كُلِّ شَيء)..!
(الجمعة): رُبَّما لَا يَمنَحنَا التَّسَامُح؛ حَقّ دخُول البيُوت دُون دَعوَة مِن أَصحَابِهَا، لَكن الأَديب «روبرت فروست»؛ ذَهب أَبعَد مِن ذَلِك، فهو يَرَى أَنَّ التَّسَامُح يَمنَح الآخَرين تَذاكِر مَجَّانيَّة؛ للدّخُول إلَى القلُوب، ولَيس إلَى المَنَازل فَقَط، حَيثُ يَقول: (أَنْ تَكُون اجتمَاعيًّا، هو أَنْ تَكُون مُتسَامِحاً)..!
(السبت): عَبَّر شَيخُنَا «أبوسفيان العاصي» ذَاتَ مَرَّة، عَن رَفضهِ لفِكرة التَّسَامُح، حِينَ يَحثُّ عَليهَا شَخص، أَبعَد مَا يَكون عَن التَّسَامُح، حَيثُ يَقول شَيخُنَا: (مِن المُفَارَقَات، أَنَّ أَكثَر الذين يَحثّون النَّاس عَلَى التَّسَامُح، سُرعَان مَا يَكفُرون بفَضَائِله، حِينَ يَجدون أَنفُسَهم مُجبَرين عَلَى الاختيَار؛ بَين الثَّأرِ والتَّسَامُح)..!!