ببالغ الحزن والأسى تلقيت نبأ وفاة الدكتور عاصم حمدان رحمه الله.. بعد حياة حافلة بالعطاء الفكري والاجتماعي..
كان الفقيد رحمه الله دمث الأخلاق، غزير المعارف، بل كان موسوعة علمية في تخصصه.. وكانت تشدنا زاويته الاسبوعية (رؤية فكرية) التي كان يطل بها على قرائه كل يوم ثلاثاء.. تلك الزاوية كانت تنبض بالأدب خاصة حين يتناول فيها رموزاً من المجتمع ويفصِّل الحديث عن مناقبهم وعطاءاتهم.. وقد أتقن الفقيد علم الأنساب وكان يحتفظ بذاكرة متقدة فينقل أدق التفاصيل عن الرموز التي كان يتحدث عنها.. كما أتقن الجغرافيا اللغوية وتعمق في التراث والتاريخ خاصة تاريخ مكة والمدينة وعلمائهما وأئمتهما.. حتى أنه كان ينقلنا في صورة بانورامية مبهرة إلى الماضي القريب والبعيد حين كان يصف أدق التفاصيل لمجالس العلماء.. والكتاتيب والمدارس كالمدرسة الصولتية ومدارس الفلاح وغيرهما.. والمكتبات كمكتبة عارف حكمت.. وغيرها من مراكز الإشعاع الفكري والثقافي.. وقد ألَّف الفقيد يرحمه الله عدداً من الكتب التي أثرت المكتبات، كما تميز بعمق رؤيته السياسية خاصة تلك المتعلقة بالسياسة البريطانية ورموزها وتاريخهم السياسي.. كما عُرف بمنافحته المستمرة عن قضايا الأمة خاصة القضية الفلسطينية..
وقد تبنّى يرحمه الله فكراً وسطياً معتدلاً خاض من خلاله العديد من النقاشات التي أثرتْ الساحة الفكرية في بلادنا.
لقد عرفتُ الفقيد بكثرة شفاعاته لمن يعرف ومن لا يعرف، يبتغي من ذلك كله الأجر والثواب.. وكان يقف إلى جانب المحتاجين بكل رحابة صدر بابتسامته المعهودة وسَمْتِه المقرون بوقاره وتواضعه الجم..
رحم الله الفقيد وأسكنه الفردوس الأعلى.. «إنا لله وإنا اليه راجعون».