Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

ذكرى بيعة الصفا مناسبة لتعزيز الولاء

A A
يسترجع السعوديون هذه الأيام ذكرى بيعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد، ويستعيدون اللحظات الخالدة التي أعلنت بدء عهد جديد لبلادهم، وانطلاق مسيرة الإنجازات غير المسبوقة.. تلك البيعة المباركة التي تمت جوار بيت الله الحرام، وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان كانت لحظة مفصلية، ليس في تاريخ السعودية فحسب، بل المنطقة بأسرها، فقد أكدت للعالم أجمع أن بلاد الحرمين الشريفين بدأت السير في طريق جديد، نحو غايات مختلفة وأهداف محددة، في مقدمتها الانحياز لجيل الشباب، واستشراف المستقبل بعيون وثابة ونفوس طموحة، وأن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- اختارت تجديد الدماء بقيادات شابة، وتمكينها من مواقع اتخاذ القرار.

لم يهدر الأمير الشاب الوقت بعد مبايعته، بل كان جلّ تركيزه موجهًا نحو العمل والإنجاز، وابتكار وسائل إدارية غير مسبوقة، والسعي لاستخدامها على أرض الواقع، مع الاعتماد على الرؤى الحديثة ووسائل العلم وأدوات التقنية والمعرفة، فكان ميلاد رؤية المملكة 2030، التي أذهلت العالم أجمع، بأفكارها النيرة ومشروعاتها الطموحة، لتحديث الاقتصاد والمجتمع وطريقة الحياة، فكان في مقدمة أولوياتها تطوير الاقتصاد لأنه عصب الحياة، فعملت على استنباط مصادر دخل جديدة، دون اعتماد على النفط كمصدر وحيد، وتوطين التقنية وإحداث نقلة نوعية في التصنيع، وأولت الشباب جل عنايتها، فعملت على تقليل نسبة البطالة، وتمكين المرأة من الانطلاق والإسهام في مسيرة نماء الوطن، واللحاق باقتصاد المعرفة، إلى غير ذلك من الأهداف التي جعلت الرؤية بمثابة المرجعية التي لا حياد عنها.

مما يثير الإعجاب في شخصية ولي العهد هو حرصه على التنفيذ الفوري والكامل لما يتم الاتفاق عليه من مشروعات عملاقة، وردم الهوة بين التنظير والواقع، لذلك ظل العالم يتفرج مذهولا من الخطوات الضخمة التي قطعتها المملكة في مدة قصيرة، فما إن يتم الإعلان عن أحد المشروعات العملاقة ويبدأ تنفيذه الفعلي حتى يتم الإعلان عن مشروع غيره، فأصبحت بلادنا -ولله الحمد- كأنها تسابق الزمن. كذلك فإن التغيير لم يكن مرتبطًا بالاقتصاد وحده، بل شمل جوانب أخرى في مقدمتها الجانب الاجتماعي، حيث شهدت المملكة قرارات عديدة وجدت تأييدًا منقطع النظير وسط الشعب بمختلف فئاته، لأنها هدفت في الأساس إلى زيادة رفاهيته وتطوير نمط معيشته.

على الصعيد السياسي كان التغيير الأكبر، فالمملكة لم تعد مجرد تلك الدولة التي تتحكم في صناعة النفط العالمية، بل أصبحت مصنعًا للقرار الإقليمي، ومحطة رئيسة يصعب تجاوزها عند معالجة أزمات المنطقة، بل إن الدور العالمي للمملكة تضاعف كثيرًا، وقد شهدنا جميعًا كيف أن الرياض تقود في الوقت الحالي الجهود العالمية لاستئصال وباء كورونا، من واقع الاجتماع التاريخي الذي عقدته مجموعة دول العشرين التي تتولى بلادنا رئاسة دورتها الحالية، والترتيبات التي تمت لتوحيد الجهود وتوفير الأموال اللازمة للتصدي للفيروس، إضافة إلى التبرع السعودي السخي لمنظمة الصحة العالمية في ذات الإطار.

من أهم الخطوات التي وجدت إجماعًا غير مسبوق الحرب على الفساد التي هدفت إلى ضرب العابثين الذين استحلوا المال العام لأنفسهم، وارتضوا حرمان الآخرين منه، وقد وجدت تلك الخطوة صدى واسعًا في الداخل والخارج، وكان لها انعكاس كبير على النظر إلى المملكة ضمن الدول التي تعلي من شأن الشفافية والمحاسبة وتحرص على العدالة والمساواة، وهو ما انعكس إيجابًا على تصنيف السوق المالية السعودية، لأن ذلك من الخطوات الضرورية الواجب توفرها لاجتذاب الاستثمار الأجنبي.

أكتفي بذلك القدر اليسير من مسيرة الإنجازات لأن المجال لا يسع حصرها، والكلمات لن توفيها حقها، لكن أشدد على ضرورة الدور الشعبي الذي ينبغي علينا القيام به جميعًا لدعم تلك الجهود المباركة، فمن الضروري أن نهتم بترجمة مشاعر الولاء والطاعة إلى أفعال، وعدم الاكتفاء بترديدها كأقوال، وذلك عبر المزيد من التلاحم مع القيادة، وأن يستشعر كل منا الدور الذي ينبغي عليه القيام به، ليتحول إلى معول بناء وأداة تنمية، وعين ترقب أوجه القصور وتبلغ عنها، فالحرب على الفساد لن يكون لها تأثير فعلي ما لم نتفاعل معها وندعمها، لأننا المعنيون بها.

أما خفافيش الظلام التي تردد الأكاذيب والإشاعات والأراجيف، فلا تستحق منا غير تجاهلها، لأن تلك المنابر المشبوهة لم يرضها ما قطعته بلادنا من أشواط في ميدان الإنجاز والتقدم، فاكتفت بالعواء والنباح.. علينا التركيز على ما يرفع شأننا والانصراف عن الصغائر، فالزبد يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store