التذكير والتحذير والتأكيد على ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية عند الخروج من المنزل وعند العودة إليه هي ما تكرره معظم الجهات الحكومية ووسائل الإعلام اليوم في كل لحظة، لأننا نعيش اليوم مرحلة حرجة للغاية تطلب قدرًا عاليًا من المسؤولية والالتزام الفردي والذي يمكن أن تؤدي عواقبه إما إلى عودة تدريجية للحياة الطبيعية أو -لا سمح الله- إلى كوارث ضخمة ليست على المستوى الاجتماعي فقط بل والاقتصادي والصحي.
جميعنا رأينا كيف أن عدم التزام البعض بالتعليمات والإرشادات واستخفافهم بها وعدم التقيد بالأنظمة والقوانين خلال فترة تخفيف منع حظر التجول ساهم في زيادة الحالات المصابة إلى مستويات لم يسبق لها أن تحققت وبالتالي زيادة الحالات الحرجة وحالات الوفاة مما تطلب إعادة تشديد الإجراءات الاحترزاية مرة أخرى في مدينة جدة وإغلاق بعض المساجد بمختلف مناطق المملكة نتيجة ظهور حالات إصابة فيها بين المصلين وإغلاق مئات المنشآت التجارية التي لم تلتزم أيضًا بتلك الإجراءات الاحترازية.
خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت هذا الأسبوع برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- وذلك عبر الاتصال المرئي شدد المجلس على المواطنين والمقيمين بضرورة متابعة الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية لمواجهة جائحة (كورونا)، كما أكد أهمية قيام الأجهزة الرقابية والجهات المختصة بمتابعة تطبيقها ميدانيًا، بما يسهم في حماية صحة الجميع، وتقليل أعداد المصابين، كما تابع مجلس الوزراء مراحل العودة إلى الأوضاع الطبيعية بشكل تدريجي في جميع مناطق المملكة القائمة على التباعد الاجتماعي.
صحة المواطن والمقيم وسلامتهما هي في مقدمة اهتمامات الدولة -رعاها الله- لكن الاستهتار الفردي من البعض بالتقيد بتلك الإجراءات الاحترازية وعدم المبالاة بمراعاة إجراءات السلامة التي أقرتها ضوابط الحد من تفشي هذه الجائحة وكبح انتشارها لم يعد يهدد سلامة وصحة الأفراد فقط بل أصبح يهدد المنظومة الصحية والاجتماعية والاقتصادية للدولة، فتلك التصرفات غير المسؤولة والاستهانة بالتعليمات تستنزف اليوم قدرات وإمكانات القطاع الصحي وترهق الكوادر الطبية والفنية الموجودة في المنظومة الصحية كما تفرض المزيد من الإجراءات الاحترازية المؤثرة على الأنشطة الاقتصادية مما سيكون لها تأثير مباشر على التنمية.
الانضباط اليوم لم يعد قضية فردية بحيث يمكن لأي فرد أن يلتزم بالتعليمات ويحرص على الانضباط أو لا يلتزم لأن القضية أصبحت قضية وطنية والمسؤولية أصبحت إستراتيجية ومشتركة ومن غير الممكن الاستمرار في مواصلة البناء والإعداد والتخطيط وتحقيق المنجزات وهناك من يهدم ويخرب وينشر الضرر والوباء على نفسه وعلى الآخرين خصوصًا وإن ضرر أولئك ليس فرديًا بل هو ضرر كارثي وشامل ويؤثر في كافة قطاعات الدولة.