لكل بيئة عمل ظروفها الخاصة التي تحكمها، وهذه الظروف تنشأ عادة من عدة عوامل تكون السبب الرئيسي لها، وقد تكون بقصد أو حتى بدون قصد، من قبل إداراتها والتي قد تسير العمل وفق نظم من الاستبداد أو الرؤية المحدودة لتطور العمل وموارده البشرية، وكيفية التعامل مع المعطيات وإدارتها بالشكل الصحيح الذي يحقق أهدافها وخططها الاستراتيجية المستقبلية.. ورغم أن بيئات العمل أدخل عليها الكثير من أدوات التطور إلا أن بعضها لا يزال يعيش في عشوائية وبعد عن الواقع في صور مختلفة تنعكس على الأداء العام لجميع العاملين بها، وأصبحت هذه البيئات واضحة للجميع سواء من العاملين بها أو المتعاملين معها، وغالبًا ما تكون نتائجها غير مرضية، وكذلك تجد التسرب الوظيفي متكرر، والكفاءات البشرية قليلة جداً، رغم ما تحاول إظهاره هذه البيئات عكس ذلك.
هناك العديد من الجهات الدولية التي صنفت البيئة السامة للعمل وأظهرت تأثيرها من الناحية الصحية والنفسية وغيرها من ضعف الفرص الوظيفية وضعف الكفاءات البشرية، ولعل أبرز صور هذه البيئة تتمثل في سلوكيات بين الإدارة والموظفين من أبرزها الطعن في الظهر والانتقاد المتكرر وإلقاء اللوم، وكذلك الثرثرة ونشر الأقاويل والاشاعات، والموافقة في الاجتماعات وعدم التنفيذ فيما بعد، وأيضاً حجب المعلومات عن الآخرين وحصرها في بعض الموظفين، التقليل من قدر الموظفين عمداً، التركيز على الأهداف الشخصية وتعارضها مع الأهداف العامة للعمل، السياسيات التعسفية المعمول بها وعدم المرونة، ضعف أدوات التواصل بين الإدارة والموظفين، وأيضاً الأجواء السلبية في مكان العمل، عدم الاحترافية وتفشي المحسوبية والتحزبات والأنا، والتخبط في الإدارة وإصدار لوائح وقرارات جديدة طوال الوقت، وأخيراً توزيع المهام وفق الهوى والاستبداد من قبل الإدارة.
إذا وصلت الإدارة الى هذه المرحلة في سلوكياتها، فلابد أن نعي حقيقة بأن نتائج العمل سوف تكون غير مرضية حتمًا، ولابد من التدخل السريع لإعادة النظر في التغلب والحد من هذه السلوكيات، لأن هذه الظاهرة وتفشيها قد لا يشعر بها الكثير من المدراء لأنهم يمثلون الجزء الكبير منها، بل هم من أهم أسبابها، ويجب أن يحاسبوا عنها.
كما نقول دائمًا بأن الإدارة ليست فقط علم بل هو فن يجب أن يتقنه ويتعامل به جميع المدراء حتى يتحولوا الى قادة يمكنهم أن يقودوا فريق العمل وتوجيهه نحو الأهداف الإستراتيجية للعمل وليس غير ذلك، ونصيحة أخيرة لكم إذا كنتم في مثل هذه البيئات حاولوا أن تنجوا بأنفسكم قبل أن تخسروا صحتكم ومستقبلكم المهني، والله المستعان.