Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

ازرع شجرة في قواحل الإنترنت!

A A
* من قال إنه عالم افتراضي؟!.. لقد بات الإنترنت بكل ما يحويه من دهاليز وغرف وشوارع خلفية هو العالم الحقيقي الذي نقضي فيه أغلب أوقاتنا، ويعيش فيه أبناؤنا أكثر مما يعيشون معنا في بيوتنا!.. الألعاب بمشاهدها الخشنة والعنيفة تشكل جزءًا كبيرًا من هذا العالم، ووسائل التواصل بمحتواها الغث وغير السمين تختطفنا جميعاً لمتابعة نجوم البذاءة و(هوشاتهم) وألفاظهم النابية التي أصبحت هي القاعدة وغيرها الاستثناء!. هل لاحظت أن حتى الرضّع لا يكفون عن البكاء أحيانًا إلا إذا دخلوا هذه العوالم الملونة؟!.

* في مجتمعات الإنترنت ذابت الحدود وامتزجت ثقافات الشعوب ولغاتهم وأفكارهم، هناك فوائد جمة ولا شك، لكن جاذبيتها تظل محدودة جداً مقابل جاذبية المحتوى السيء.! اكتسحتنا الركاكة والهشاشة والتسطيح، ثمة تصحّر مخيف في المحتوى المفيد والنافع مقابل هجوم كاسح لكلمات وعبارات بذيئة، حركات تافهة، أغنيات مقززة، معلومات غير كاملة تجدها أينما يممت وجهك في هذا الفضاء، لأن الكل يتناقلها بلا خجل.. التفاهة تنتشر هناك انتشار كورونا في عوالمنا، حتى أصبح الداخل الى تلك العوالم مضطرًا لإزاحة تلال عالية جدًا من أكوام الانحطاط والتفاهة والأكاذيب، قبل أن يجد محتوى لائقاً، يزرع في ذهنه فكرة جميلة أو يعطيه معلومة مفيدة، أو يترك في نفسه انطباعًا حسنًا!.

* العجيب أننا رغم صراخنا وبكائياتنا من هذا التصّحر المعلوماتي؛ والفقر الأخلاقي ورفضنا له إلا أننا نقف منه موقف المتفرج العاجز، مكتفين بالحوقلة والحسبلة والدعاء على من وضع هذا الركام (اللا معرفي) في طريق أبنائنا؛ دون ان نكلف أنفسنا زرع شتلة صغيرة أو حتى بذر معلومة صحيحة تقف في وجه سيول الكذب والخرافة والزيف!. في ظل هذه السلبية ليس غريباً أن ترفع وسائل الإعلام هؤلاء التافهين، وأن تصنع منهم رموزاً للمجتمع، فنحن من تركنا لهم المجال كي يتوج التافه نجمًا، وأصبحت تفاهته فنًا وصناعة يتلقفها الناس بمباركتنا حتى وإن قلنا غير ذلك!.

* لن يتوقف هذا الزحف المسموم للتفاهة يا سادة يا كرام إلا إن شاركنا جميعًا في مكافحته بصدق وقوة.. بدءًا من عند مؤسسات التكوين والتوعية الممثلة في وزارات (التعليم، الإعلام، الشؤون الإسلامية، الثقافة) التي يجب عليها التدخل بقوة لصناعة محتوى جاذب ومفيد ينافس محتواهم، ويعادل الكفة المنحازة بقوة تجاه التفاهة.. وليس انتهاءً بدوري ودورك، ودور كل مواطن يهمه صناعة محتوى مفيد للأجيال القادمة.

* أبناؤنا يسيرون بين حقول من الألغام في الانترنت، وكلنا للأسف نقف مطأطأوا الرؤوس أمام هذا الزحف السريع للمحتوى السيء تجاههم.. هذه دعوة لتشجير الانترنت بالشتلات الجيدة، كن ايجابياً ولا تستهن بقدرتك على التغيير، اجعل دخولك للانترنت مثمراً، ساهم في تحسين نظرة أبنائنا للحياة، ازرع محتوى ايجابياً في طريقهم.. اغرس شجرة ذات ثمرة وقيمة في صحاري الإنترنت التي تغلب عليها التفاهة.. افعل هذا الآن ولا تتردد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store