تتسارع الجهود العالمية لإيجاد لقاح فعال للقضاء على فيروس كورونا المستجد، فيما تلوح في الأفق عدد من التجارب الناجحة التي تبشر بقرب التوصل إلى اللقاح المنتظر.. لكن هذه العملية «المتسارعة» تثير عددًا من الأسئلة الأساسية.. وقد أعلن عدد من شركات اللقاحات والأدوية الكبرى حول العالم عن تطوير أكثر من 100 لقاح يجري تجربة بعضها سريريًا في الوقت الحالي، ومن بينها شركات مثل مودرنا الأمريكية وأسترازينيكا البريطانية، من بين اللقاحات هناك لقاحين بريطانيين، أحدهما تقوم جامعة أكسفورد بتطويره، والآخر تطوره كلية كينغر كوليدج التابعة لجامعة لندن، قد يتم دمجهما لإلحاق الهزيمة بـ(كوفيد-19).. ويبدو أن لقاح أكسفورد قطع شوطًا أبعد من منافسه؛ إذ تجري تجربته سريريًا على نحو ألف متطوع اللتان تتقدمان السباق العالمي في إنتاج اللقاح، حيث من المتوقع أن يخرج إنتاجهما للنور في الفترة ما بين يوليو وسبتمبر هذا العام، إذا مضت التجارب بشكل إيجابي.. لكن هذا السباق المحموم يخفي معركة ضارية على الربح دون أخذ صحة مئات الملايين بعين الاعتبار.!
لماذا تسير الأمور هكذا وأين تكمن المشكلة؟..
ثمانية عشر شهرًا هي الأفق الزمني المحتمل للعودة إلى حياة خالية من كمامات الوجه والأرقام التصاعدية للمصابين والوفيات وتحليلات علماء الفيروسات.. وفيما يبدو بعض الباحثين أكثر تفاؤلا بشأن تطوير لقاح ضد كورونا.. ويرى البعض الآخر أن الأمر قد يستغرق وقتًا أطول.. لكن في لحظة ما سيكون اللقاح المطلوب متوفرًا.. والسؤال أي بلد سيكون الأول في هذا السباق إلى اللقاح؟ أتوقع أن اللقاح سيكون أشد فتكًا ووبًاء من المرض.!
الاستعدادات بهذا الشأن تسير حاليًا تحت ضغط شديد.. ولا يوجد في الوقت الحالي قواعد دولية للتوزيع العادل للقاح في مثل هذه الحالة في وباء عالمي لم يمر به العالم عبر التاريخ ولا توجد قوانين دولية منصوصة معتمدة من جميع المنظمات الصحية عالميًا.. التوزيع والسعر متروك حاليًا لقوى السوق العالمية.. وعن ذلك يقول خبراء الاقتصاد الصحي أن هذا الأمر يخفي خطر أن يتم توفير اللقاح فقط في غرب أوروبا وكندا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية بشكل جيد لأن هذه الدول تستطيع دفع أسعار أعلى وهذه مشكلة يعاني منها الأطباء دومًا في قطاع الأدوية.. حيث يعاني قطاع صناعة الأدوية منذ فترة طويلة فيما يتعلق بإنتاج اللقاحات.. وقد لوحظ عدة مرات من قبل أن معضلة الاختناقات في تصنيع اللقاحات كانت بسبب سياسات التسعير الخاصة بالشركات.. وحسب المشهد الحالي فإن صحة الملايين حول العالم بين أيدي أربع من كبار منتجي اللقاحات.. وتبدأ عشرات الشركات إجراء التجارب السريرية العام الجاري، منها شركات قطعت بالفعل أشواطًا نحو ذلك.. وتنتمي أكبر الشركات المرشحة لإنتاج وتطوير لقاح ضد كوفيد-19 إلى الصين والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا..
عندما تصبح المسألة متعلقة بالحياة والموت، يتم نسيان فكرة التضامن الدولي بسرعة البرق.. وهو بالذات ما كشفت عنه أزمة كورونا الحالية.. أكرر أن اللقاح للجائحة سيصبح أشد فتكًا للبشرية من المرض نفسه وذلك بسبب الجشع والطمع.. حيث قال صلى الله عليه وسلم في صحيح قوله من حديث أَنس وعائِشةَ وغيرهما «لَو كان لابنِ آدم وادِيانِ مِن مال لأبتغى وادِيًا ثَالثًا، ولا يملأ جوف ابنِ آدم إِلا التراب، ويتوب الله علَى من تاب» والمراد أنه يكون بالطمع (الجشع).