* اليوم العالمي للأب، هو يوم كما هي كل أيام (الذكرى)، التي تحمل أبعاداً سامية نحو التذكير بما قد يغفل عنه الكثير، فالأب في منظومة الاهتمام الإعلامي أو حتى التعبير الشفهي، قد يكون أقرب إلى التواجد في النقطة العمياء، مقارنة مع ما تجده الفئات الأخرى، حتى مع كونه لا يقل أهمية ودوراً عنهم.
* فكم من أب ينتظر راتبه وعينه على أفواه أسرته، وشغله الشاغل أن يكونوا على الدوام (بأحسن حال)، يأخذهم إلى السوق ليشتري لهم كل ما يحتاجون، ويعود بهم دون أن يأخذ له بريال واحد ما يمكن أن يصنفه تحت بند (اشتريت لي)، ومع ذلك لا يهتم بذلك، ولا يتوقف عن الإيثار، فكل همه -حسب استطاعته وزيادة- ألا يرى من يعول أقل من الآخرين.
* الأب أيها الأبناء يحمل همكم صغاراً وكباراً، وإن اعتقدتم أنكم قد كبرتم، وبلغتم من الكبر عتياً، فما يجب أن تعلموه أن همكم لدى والديكم يكبر معكم، تلك الحقيقة لن تدركونها إلا عندما تصبحوا أبناء وأمهات، عندها ستقفون على تلك الحقيقة، فلا تنسوا أباءكم من أن يكون لهم من دعائكم وافر النصيب.
* إن وجود الأب في حياة الأبناء أشبه ما يكون بوجودهم في معزل عن حقيقة كبد الدنيا، فما يصلهم في ظل وجود آبائهم سوى العسل، أما لسعات الدهر، وسهام الأحداث، فقد حملها ظهر أبيهم عنهم، تأملوا كل لقاءات الآباء وأحاديثهم، وهم في عمق انكسارهم، وشدة حاجتهم، هل تجدونهم يتحدثون عن أنفسهم، ابداً إنما بوصلة اهتمامهم هناك حيث: (وراي أسرة وأبناء) هم عندي بالدنيا، وهم أهم عندي من نفسي.
* يكدح الأب باحثاً عن قوت من يعول، متحملاً كل تبعات مشقة الحياة الكريمة، ساعياً بكل جهد على أن يوفر لأسرته ما قد يكون غالباً قد حُرم منه، يعمل، ويجد، ويكدح في ميدان الحياة، وهدفه ألا يرى من هو أفضل منه، وهو في تلك الرحلة يعمل على أن يصنع من يتمنى أن يكونوا أفضل منه، حيث أبنائه بهجة حاضره، وأمل مستقبله الذي يراه فيهم ستراً ونجاحاً، وهذا كل ما يرجوه منهم.
* إن لكل أب في هذه الحياة قصة مختلفة من الكفاح، وما يجب أن يعلمه الأبناء، أنهم لم يكونوا شيئًا في هذه الحياة من فراغ، وأنهم مهما قدموا لوالدهم من بر، فإن ذلك لا يعدل لحظة واحدة من لحظات همه بهم، وكفاحه لأجلهم، وعنائه في شأن تربيتهم، ودوام حمله لهمهم، وخوفه عليهم.
* الوالد وماذا عسى أن أقول إيفاء لقدره، ومقاربة لسابق فضله، وهو من هو في العطاء والإيثار، فقد قيل «والدك قد لا يملك كل ما تريد، ولكنه يعطيك كل ما لديه» تلك حقيقة يجب ألا تغيب عن كل الأبناء، فالوالد في لينه وقسوته هدفه أن تكونوا بما تودون أن تشاهدوه اليوم أو مستقبلا في أبنائكم.
* إننا عندما نقف أمام قامة الأب مكانة وقيمة، فإننا لن نفيه حقه، وإن اليوم العالمي للأب ليس إلا عنوان تذكير بما يجب على الأبناء تجاه والدهم، وإننا كما هي أوامر ديننا أجدر بأن نجعل العمر كله له، برًا به، واعترافاً بفضله، وعملا بمقتضى أن البر دَين، فاللهم أجز والدِينا عنا خير ما جزيت به والداً عن ولده، ولكل الأبناء أقول: استوصوا بوالديكم خيرًا، واجعلوا في دعائكم: (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) اللهم آمين، وعلمي وسلامتكم.