التعامل الصحيح الذي اتخذته حكومة المملكة أثناء أزمة جائحة كورونا، في التعامل عن بعد لجميع أجهزة الدولة تحقيقًا لاستمرار العمل والأداء الحكومي أثبت فاعلية وقدرة عالية في إمكانية تقديم الخدمات الحكومية لجميع المواطنين والمقيمين دون الحاجة إلى زيارة أو مراجعة هذه الجهات بشكل مباشر، بل يتم العمل من خلال أدوات التقنية على إنهاء هذه المتطلبات بشكل سريع وعملي وإنجاز على أرض الواقع لم نكن نتوقع نتائجه، ولعل هذه الجائحة أعطتنا مفهوما جديدا للعمل، يمكن أن يكون خارطة لمستقبل أداء الأعمال.
شاهدنا خلال الفترة الماضية أدوات متطورة للخدمات الحكومية أعطت لنا مفهوما جديدا في استخدام التقنية بشكل أمثل، رغم أن هناك العديد من الخدمات التي كانت تتم عبر البوابات الإلكترونية لهذه القطاعات إلا أنها تسارعت نموًا بوجود الأزمة، وأخذت منحى متجددا في تنوع الخدمات وآليات تقديمها للجميع، بدءًا من التعليم والتدريب الذي فتح مجال التعلم عن بعد وحقق النتائج الممتازة والتي كانت تحمل سابقًا بعض التخوف من النتائج لمثل هذا الإجراء، ولكن الواقع فرض نفسه في هذا المجال وأثبت قدرته على إكمال مسيرته في مختلف الظروف، ولعله أن يكون مسارًا متاحًا بجوار التعليم والتدريب المباشر مستقبلا، وهذا الأمر سوف يخفف من كثافة المستفيدين على الأقل في المستوى الجامعي وكذلك في مجالات التدريب المختلفة، وتقييم التجربة خلال مرحلة الأزمة وما بعدها خير برهان لذلك.
وزارة العدل أيضاً قدمت أدوات مثالية في الإجراءات والخدمات الخاصة بها عن بعد وأعطت مساحة كبيرة للعمل الإلكتروني في نقلة نوعية مميزة ساعدت على الإنجاز للمصالح العدلية وما يتعلق بها في خطوات موجزة ومثمرة مثل الوكالات والإفراغ حتى جلسات المحاكمات والتقاضي وغيرها.
واليوم نحن قد نحتاج الى إعادة دراسة وتقييم للكثير من الخدمات التي كانت تتم بشكل مباشر وإمكانية الاستغناء عنها بخدمات تقدم عن بعد والاستفادة القصوى من أدوات التقنية المتطورة تفعيلا لها، قد توفر من خلالها الوقت والجهد المباشر، ويمكن أن تتاح فرص وظيفية تقنية أكثر خلال المرحلة المقبلة وتغير في آليات العمل الروتينية السابقة.
بقي أن نشير إلى أن على القطاع الحكومي وحتى القطاع الخاص إعادة دراسة الهيكل التنظيمي وهندسة الوظائف وآليات تقديم الخدمات بما تتطلبه المرحلة القادمة وفق المعطيات والاحتياج الفعلي المناسب للمستفيدين جميعًا، وأنا واثق بأنهم قادرون على إبهارانا.