Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

تقارب الصين مع إيران ماذا يعني؟!

A A
التقارب الأخير بين الصين وإيران ماذا يعني.. وماذا يترتب عليه في وقت تنكشف التأكيدات عن ضلوع إيران في عمليات إرهابية في المنطقة وتدخلات سافرة في العراق وسوريا واليمن ولبنان.. تتباهى إيران بها.. ورغم كل ذلك تُقدم الصين على ذلك التقارب متناسية الشراكات مع المملكة والكويت والإمارات وحجم صادراتها لدول المنطقة.. تصرفات إيران بأي مقياس لا تبرر تقارب دولة عظمى قطب رئيس في السياسة الدولية مع دولة مارقة تتعمد تجاهل القوانين والأعراف الدولية وتدعم الإرهاب وتضطهد شعبها وترفض السماح لمراقبين من منظمة الطاقة الدولية للتفتيش على منشآتها النووية وخرق اتفاق 5+1 (الصين طرف فيه).. فهل ما تفعله الصين مجرد محاولة احتواء مرحلي.. أم أنه لعبة معاكسة لتصرفات الرئيس الأمريكي ترامب؟

في وقت الأزمات العالمية تتسلل الدول الكبرى لتمكين نفوذها على المدى البعيد طالما أن الفرصة متوفرة، وفي الوقت الراهن إيران في حالة ضعف، وكذلك العالم العربي، والفرصة مواتية لزعزعة النفوذ الأمريكي الذي يعاني من عدم الجدية في التعامل مع دولة مثل إيران تهدد مصالحها في المنطقة.. محاربة الإرهاب تتشارك فيه كل دول العالم باستثناء الدول المارقة أو دولة ألعوبة مثل قطر التي سلمت سيادتها لإيران وتركيا وأمريكا أيضًا على حساب علاقتها مع دول الجوار التي مهما حاولت الابتعاد عنها تظل قريبة بحكم التاريخ والجغرافيا والتواصل الأسري الذي لا تلغيه مراهقة حكام مغامرين لا يدركون العواقب الضارة لتصرفاتهم بدوافع وهم لعب دور الدولة العظمى.

قرار الصين سيادي، ولكن الصين وغيرها من الدول التي لها مصالح في منطقة الخليج العربي تتابع ما يُنشر في الصحافة المحلية ولذلك نطرح السؤال.. هل من الحكمة الاصطفاف مع دولة مثل إيران على حساب مصالحها العميقة مع الدول العربية؟ قد يكون تصرف الصين ردة فعل لما تفعله أمريكا معها ولكنها تُخطئ الهدف عندما تتوجه للنظام الإيراني المتناقض معها في أمور جوهرية مثل التدخل في شؤون الآخرين ودعم الإرهاب والتمرد على القانون الدولي وعلى رأس ذلك معاهدة الطاقة النووية واتفاق 5+1.. وقد يكون هدف الصين إيصال أمريكا إلى الهاوية وإبرام تحالفات دولية ترقبًا لتفككها مثلما حصل للاتحاد السوفييتي عندما انهار من الداخل وانفرط عقد المنظومة واستقلت الدول التي كانت تحت سيطرة روسيا.

والمقارنة هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية مكونة من خمسين ولاية بدستور فيدرالي واحد يتعرض لتجاوزات تقلل من أهميته وتُضعف قوته وفعاليته الفيدرالية وإذا انفرط عقده فقد يحصل للولايات المتحدة الأمريكية ما حصل للاتحاد السوفييتي وتصبح الصين (الهجمون) الأوحد في العالم وتنزل أمريكا وعملتها عن عرش القيادة العالمية وتُعيد الصين تشكيل نظام عالمي جديد.. ولكن هل يغيب عن الصين أن الديموقراطية والرأسمالية قادرة على أن تلتقط أنفاسها بسرعة وتستدرك قواها الصلبة والناعمة وتصحح أوضاعها بحكم عمق المؤسسات التي تحكمها والتي تأسست على قواعد صلبة خلال فترة طويلة من الزمن؟

نوايا الصين في التقارب مع إيران مريبة وعلى الدول العربية وعلى وجه الخصوص دول الخليج العربي التساؤل والتحري والاستفهام من الصين عن نواياها المستقبلية من التقارب مع إيران بحكم المصالح المشتركة وحجم التبادل التجاري معها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store