قد يصعب على المرء أن يقدر حجم الجهود المباركة التي بُذلت للنهوض بالتعليم في بلادنا وتوحيد البوصلة نحو المسار الملائم بعد اختطاف دام عدة سنوات، هذا عدا القفزات الأخرى في الكم والكيف التي لا ينكرها عاقل، لعل من بينها نشر الجامعات السعودية على كافة أرجاء الوطن وتحديث برامجها ومخرجاتها، حيث بلغت 28 جامعة عدا الجامعات الأهلية، كما تم الاستغناء عن أعداد كبيرة من المدارس المستأجرة بمدارس حديثة البناء أنشأتها وزارة التعليم ضمن المنظومة التي تستهدف الاستغناء كلياً عن المباني القديمة وغير الملائمة للاستخدام الحديث قبل حلول رؤية المملكة في 2030. والحديث عن التعليم ذو شجون، واليوم نقف نحو أعتاب جديدة وقد أصبحنا نعيش عصر الصناعة والاختراع والاستخدام الواسع للنتائج العلمية والعملية، عصر الفضاء وثورة الاتصالات والكمبيوتر والإنترنت والأقمار الصناعية التي قرَّبت بين الأفراد وألغت المسافات، كما تجسَّد ذلك بقوة في الفترة التي نعيشها حالياً مع الجائحة، فلا مفر لو حل الكتاب الإلكتروني محل الكتب المدرسية رويداً رويداً لاسيما وأن الطلب على الكتاب الإلكتروني مازال محدوداً (ولو خيرت شخصياً لاخترت الورقي)، والكتاب الإلكتروني عبارة عن كمبيوتر محمول صغير الحجم ويمكن أن يستخدم كبديل للدفاتر، ويمكن تسجيل الملاحظات أثناء تلقي الدرس، والأمل أن يستغني الدارس عن حمل الكراسات والأوراق. هذه القفزة تحتاج الى وقت لتنفيذها ومقارنة تكاليفها مع نفقات طباعة الكتب في كل عام.
وشهدت الثلاث السنوات الأخيرة تحولاً لا يُستهان به شمل صدور نظام الجامعات الجديد ولوائحه التنفيذية وهيكلة شاملة لإدارات التعليم، وشملت الهيكلة المدارس بمختلف مراحلها مع إعادة تصميم التشكيلات المدرسية الحالية واستحداث مجمعات كبيرة لخدمة القرى والهجر، كما شملت القفزات إعادة هيكلة الموارد البشرية ورفع مهارات المعلم وتطوير أدائه والتأكيد على ضرورة اجتيار اختبارات القياس وغيرها من اختبارات مهارات الإعداد التربوي والمعني في برنامج الانتقال الى وظائف العقود، ولم تغفل وزارة التعليم العمل على تحقيق كفاءة الإنفاق عبر الاستخدام الأمثل للعناصر البشرية من معلمين وإداريين ومهام أخرى عديدة أخذت وزارة التعليم على كاهلها إيجاد الحلول الإيجابية ضمن التوجه الجديد لتحرير التعليم من العوائق التي عاش فيها فترة لا يُستهان بها من الزمن وألقت بظلالها على مخرجات التعليم.
يحدونا جميعاً الأمل أن نعلم أبناءنا في المدارس كيف يعبرون عن أنفسهم، كيف يصدرون الحكم على العمل الجيد من الرديء. نريدهم أن يتعلموا أدب الحوار وتقبُّل النقد، ويتعلموا كيف يفكرون ويبدعون ويتصرفون، وظيفتنا تهيئة الأجواء والمناخ التربوي المناسب لهم.