التطور التقني الهائل الذي حصل في مجال التكنولوجيا واستخدام الإنترنت خلال العقود الماضية ساهم في حدوث العديد من التغييرات الجوهرية في أسلوب حياة الناس، وقد تفاعلت الأنشطة التجارية والاقتصادية مع تلك التغييرات والتطورات وعمدت إلى مجاراتها والتجاوب معها مما ساهم في ظهور نوع جديد من الاقتصاد أطلق عليه مسمى (الاقتصاد الرقمي) أو اقتصاد تكنولوجيا المعلومات فهو اقتصاد أساسه المعلومات ومحركه التكنولوجيا والاتصالات ويقوم على بنية تحتية رقمية عالية مرتبطة بمعظم شؤون الحياة ويساهم ذلك الاقتصاد في الغاء الحدود الجغرافية والزمنية كما يقوم بتحسين مستوى العلاقات بين أطراف المعاملات التجارية ويرفع من مستوى التعاملات الاقتصادية ويسهل فرص التعامل والإنفتاح مع الأسواق التجارية العالمية.
في الأسبوع الماضي عقدت مجموعة العشرين برئاسة المملكة العربية السعودية اجتماعًا لوزراء الاقتصاد الرقمي في المجموعة استعرضت من خلاله الظروف الاقتصادية التي عاشها العالم خلال الأربعة شهور الماضية نتيجة جائحة كورونا وتسببت في خسائر اقتصادية عالمية ضخمة تصل إلى 6 تريليونات دولار مما يساهم في فتح الآفاق الدولية للتأكيد على أهمية الرقمنة في الاقتصاد لتجاوز مثل تلك الأزمات المستقبلية وتجنب الوقوع في خسائر اقتصادية عالمية جديدة وقد أكد معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله السواحة في مؤتمر صحفي بعد انتهاء الاجتماع (إن الرقمنة باتت عاملاً حيوياً لضمان استمرار الأعمال وتدفق المصالح في وجه كل الظروف مستشهداً في هذا الصدد بالاستثمارات السعودية في قطاع الاتصالات، حيث ساعدها ذلك في مواجهة تداعيات الجائحة).
أثبتت الجائحة للجميع بأن التجارة الإلكترونية كانت هي الملاذ في مثل تلك الظروف وقد أظهرت البنية الرقمية التحتية في المملكة خلال الجائحة نجاحاً كبيراً إذ سيطرت على كافة المعاملات والخدمات المختلفة وفي مقدمتها التعاملات التجارية وقد أكد معالي الوزير في الاجتماع بأن مساحة المملكة العربية السعودية حالياً مغطاة بنسبة 90% بتقنيات الجيل الرابع والخامس وهناك أكثر من 3,5 مليون منزل مغطى بالألياف الضوئية ما جعل المملكة بين أسرع دول العالم في تبني تقنيات الجيل الخامس كما أكد محافظ هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات أن سرعة الإنترنت بالمملكة سجلت زيادة بنسبة 400% خلال الثلاث سنوات الماضية مما ساهم في تحقيق المملكة المرتبة 10 بين دول العالم وفق تقرير سبيد تست العالمي كما ساهم ذلك التطور في أن تحرز المملكة تقدم في سلم الترتيب العالمي لمؤشر البنية التحتية الرقمية للإتصالات وتقنية المعلومات الذي تصدره الأمم المتحدة حيث تقدمت 40 مرتبة في ذلك المؤشر مؤكدة أن الاقتصاد الرقمي يعد من المكونات الرئيسية وشريان حيوي للاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة.