قررت أن أكتب الى ابنتي رسالة خاصة في رحلتها القادمة الى الغربة الجديدة، بما أن لغة التواصل الفعالة تبدأ من بدايات العمر وحتى نهايته، وتستمر هذه اللغة في بناء التواصل بين الآباء والأمهات مع الأبناء لإيصال فطرة الإسلام بالدين والعقيدة وكذلك القيم والمبادئ التي نزرعها فيهم، لنجني ثمارها فيهم مستقبلا جيلا بعد جيل.
ابنتي.. أعلم جيداً بأنني أعطيتك الجرعات الكافية من المبادئ والقيم التي سوف تساعدك في مسيرتك، وأعلمي بأن الدين أساسه ثابت ولا يمكن أن يتجزأ ولا يتغير وما هو حرام سوف يظل حرامًا وما هو حلال سوف يظل حلالاً حتى قيام الساعة مهما بدا لك غير ذلك، وكذلك القيم التي تعلمتيها لا تتجزأ ولا تتأثر بمكان أو زمان، لأن الإنسان الحقيقي لا يتنازل عنها مهما كانت المغريات أو المتغيرات التي يواجهها، لذلك التزامك بها سوف يكون نابعا من جذور غرستك الأولى ويدفعك لتكوني قوية في مواجهة الرياح التي يمكن أن تقترب منك.
ابنتي.. الحياة الجديدة تحمل معها الإيجابيات وأيضًا السلبيات ولابد من التعامل معها جميعًا والاستفادة منها بحلوها وبمرها والتكيف بالمعطيات الجديدة ولكن وفق أسس الدين والقيم التي تربيتي عليها في مجتمعنا الإسلامي، والذي كنا فيه كوالدين القدوة الجيدة لك، حتى وأن أخفقنا في بعض الأحيان معك فنحن نجتهد ونصيب ونخطئ وهذا طبع الإنسان، ولا يلام الإنسان بعد اجتهاده، وتذكري ذلك جيداً.
ابنتي.. سوف تشاهدين صورا جديدة لبعض النساء لم تعتادي عليها في التعامل مع الحياة، فقد تشاهدين فتيات يتسكعن في المقاهي والشوارع والأرصفة حتى بعد منتصف الليل، وسوف يكون الاختلاط بين النساء الرجال شيء عادي غير ملفت للأنظار، وسوف تشاهدين من النساء في أماكن العمل وهم في مناصب قيادية وإدارية، قد يحققون النجاحات المختلفة فلا تستغربي ذلك، لأن النجاحات حق متساوي للمرأة والرجل في هذه الحياة.
ابنتي.. مهما واجهتي في حياتك القادمة من عجائب فلن يكون مدهشًا بقدر ما هو مدهش للجيل القادم من أبنائكم، لذلك عليك بتقوية الغرس في الأبناء وزراعة مبادئ الدين والقيم فيهم بشكل فعال، وبإذن الله سوف يستطيعون مواجهة المستقبل وفق هذه المبادئ مهما كانت أو تغيرت.
بقي من القول إن هذه الرسالة يمكنني أن أوجهها إلى بناتي وأبناء وطني جميعًا وأتمنى قراءتها بتمعن وعمق لإدراك حقيقة هدفها ولتصل إلى العقول قبل كل شيء حتى يمكن تطبيقها.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
