* هذه القصة يرويها في مذكراته طبيب أمريكي عمل في السعودية خلال السبعينيات الميلادية، فيقول: كان من عادتنا في ظل قلة أماكن الترفيه في الرياض في تلك الفترة؛ الخروج إلى الصحراء وقضاء اليوم أو جزء منه هناك؛ كما يفعل كثير من أهل الرياض، وصادف في إحدى طلعاتنا أن جاءنا رجل بدوي بسيط، طالباً منّا -بعد أن عرف أننا أطباء- علاجاً لزوجته التي لا تنجب، ولما كنا في حاجة للتسلية فقد طلبنا من الزوجة التي كانت تمشي خلفه على استحياء أن تقف على مسافة معينة، ثم أخذنا في التقاط حبات نبات الحنظل -وكانت متواجدة في المنطقة بكثرة- وقذفها بها!، كنا نسمع الرجل وهو (يسميّ) ويتمتم بأدعية لا نفهمهما مع كل حنظلة ترتطم بجسد زوجته، لكن هذه التمتمات لم تمنع تعالي ضحكاتنا!. يضيف الطبيب: «عدنا للعمل في الرياض ونسينا الموضوع تماما، إلى أن طلب الدخول عليّ ذات يوم رجل بدويّ يحمل بين ذراعيه طفلاً، لم أتذكره إلاّ بعد أن قال: لقد رزقني الله هذا الطفل بعد أن قمتم بعلاج زوجتي، وقد جئت اليوم كي أشكرك!.
* في قوانين العلم (١+١=٢) ليس هناك احتمال آخر، أما في قوانين العناية الإلهية فهناك احتمالات لا نهائية لكل شيء، حتى وان كان مخالفًا للمنطق والمعقول وكل قوانين الطبيعة.. نعم إنها العناية الإلهية، ذلك الشعور الجميل والمريح الذي امتلأت به نفسك بعد قراءتك لهذه القصة، فدائماً هناك أمل ممتد وهالة مضيئة في عُتمةِ كل ما يشقينا ويُقلقنا ويخيفنا؛ أو يبدو لنا مستحيلاً.. ومن قُدّر له أن يطلّع على الجزء البسيط المتاح للبشر من سيرورة هذا الكون العظيم، لأدرك معنى العناية الإلهية التي حفظت هذا الكوكب السابح وسط الأخطار منذ 8 مليارات سنة! .
* الجميل في قانون العناية الإلهية أن بينه وبين الإيمان علاقة طردية، فكلما زاد إيمانك وثقتك بهذه العناية ازدادت من حولك وكثرت، وتنامى هذا اللطف بك أكثر وأكثر، كما في حالة صاحبنا البدوي البسيط. لقد كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يطلب ولاية الله في كل أحواله بسؤال ربه: «وتولّني فيمن تولّيت»، فإن تولاك الله أحاطتك عنايته في كل أمر، حتى وإن كان باعتقادك وباعتقاد الجميع أمراً مستحيل الحدوث.
* من نافلة القول أن عبث الإنسان وغروره قد أفسدا الكثير من التوازنات التي استودعها الله في الكون لكي يبقى ويتطور، لقد صنع الإنسان القلق لنفسه بتدخلاته المخلّة، وقد أظهرت جائحة كورونا مدى الوهم الذي نعيشه باعتقادنا السيطرة على هذا الكوكب، لقد عجزنا عن مواجهةِ فيروس لا يُرى بالعينِ المجردة!، وكأن العناية الإلهية التي تملك ساعة مضبوطة لكل شيء، تريد ابلاغنا بضرورة الإيمان المطلق أنه ليس بإمكاننا قيادة النتائج أبداً، فقط علينا أن نسعى جاهدين.
* لا أحد يعرف كيف يأتي اللطف الإلهي؛ ولا كيف تسير العناية الربانية، لكن الحالات التي عاد فيها التوازن الى كوكبنا دون تدخل من بشر كثيرة ومذهلة، وتثبت أن الكون يسير بتدبير خالق رحيم، وهذا ما يجعلنا في ثقة بأن العناية الإلهية التي لم تدع البشر يوماً في حالة فوضى أو تسيُّب ستتدخل أيضاً هذه المرة.. فقط أحسنوا الظن بالله.