كنت أتأمل في معنى الكمامة وأحوال فعل التكميم عندما اكتشفت أننا كلنا بمن فينا زعيم أقوى دولة في العالم كنا بحاجة لأن نكمم أفواهنا عن الكلام في مواقف وأحيان كثيرة!
وكمَّم يكمِّم ، في اللغة العربية، تَكْمِيمًا ، فهو مُكمِّم ، والمفعول مُكمَّم - للمتعدِّي، وكَمَّمَتِ النَّخْلَةُ : أَخْرَجَتْ كِمَامَهَا، أَكَمَّتْ، وكَمَّمَ القَمِيصَ : جَعَلَ لَهُ كُمَّيْنِ، أَكَمَّ، وكَمَّمَت الشيءَ: ستره أَو سَدَّه!
غير أنني توقفت كذلك أمام: كمَّم الأفواهَ: منع الناسَ من حرِّيَّة الكلام، وفي ذلك كان يحلو لكثيرين من أهل المهنة، الحديث بإسهاب في مواقع التواصل الاجتماعي عن هذا المفهوم!
وكان ما كان وجاءت كورونا لتوزع المصطلح بل لتوزع الكمامات على الجميع، حيث التزمت غالبية البشر تنفيذًا للأوامر أو النصائح أو التوجيهات الطبية، فهل تم التطبيق اجتماعيًا بحيث كممنا أفواهنا عن المسف من القول والفعل؟!
عدت الى واقعة عايشتها طفلًا، عندما جلس ثلاثة من عمال البناء ومعهم بعض الصبية الصغار يأكلون فوق سطح بيتنا، حيث قدمت لهم الوالدة طعام الغداء، وقبل أن يصرخ أحد الأقارب مستنكرًا إطعامهم، وقائلًا: "دول مكممين واتفقنا معهم على ذلك"! قالت الوالدة ضاحكة: اتفق كما شئت، لكن موعد الغداء قد حان والصبية الصغار لا يستطيعون الاستمرار"!
فهمت بعدها أن الاتفاق مع العامل، كان ينص فيما ينص على أن أجره "مكمما" يزيد قليلا عما اذا كان غير مكمم، والمعنى أنك إن كنت ستقدم له الشاي والدخان والطعام طوال وقت العمل، فستدفع له أجرًا أقل، مما إذا كان الاتفاق ينص على أنه غير مكمم، فسيكون الأجر أعلى!
وفي مرحلة التكميم، قد تلاحظ معي أحيانا أننا نتكمم كثيرًا أفرادًا ودولًا، فيما لا يصح معه التكميم، ونثرثر بما لا يفيد ولا ينفع في وقت نحتاج فيه الى تكميم!
وفي اللغة العامية، لعلك عرفت أنه يوجد حركات أو تصرفات يسمونها "نصف كم"، وهي تلك التي تنقصها الفطنة والحكمة، وتهتم بالقشور والمظاهر!.