لقد جعل القرآن الكريم قضية الفساد قضية محورية أعلن الحرب عليها بكره الله سبحانه وتعالى للمفسدين في قوله تعالى (إن الله لا يحب المفسدين) واعتبر الفساد من حصاد عمل الإنسان ولا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال خاصة إذا صدر من الفئة المتعلمة التي ميزها الله بالعلم واصطفاها لأداء مهام في المجتمع والحياة.. وفئة الأطباء أحد هذه الفئات التي تستوجب الاحترام والتوقير وأنا من أكثر الناس اشادة بالأطباء السعوديين ودائمًا افتخر بهم في المجالس وامتدحهم فِي مهنة الطب وأن الطبيب السعودي مميز في تخصصه لأنه تلقى تعليمه وتدريبه في أرقى مستشفيات العالم وقد صرفت عليه الدولة ومكنته حتى من التخصص الدقيق وإلا قبل ذلك لم يكن شيئًا مذكورا ولا يعرفه أحد وكان على هامش الحياة، ففساد الأطباء ليس كأي فساد والحمد لله إن كثيرًا منهم يشرف مهنته ويقدم لوطنه ويخدم مجتمعه وكونهم بشر يعتريهم ما يعتري البشر من أخطاء ويقعون كغيرهم في مصائد الفساد فإن ما نذكره هنا هي مظاهر لفساد بعضهم ولست أزعم أنني سأذكر كل ألوان الفساد التي طغت على نفوس بعضهم كما أنني أستبعد أن تكون الوزارة قادرة على إلغاء الفساد الذي يتصفون به لأن طبيعة فسادهم تختلف والحالة عندهم أصبحت مزمنة والمرض المزمن الذي هم فيه سببه إهمال علاجه من الوزارة ومن المفترض أن يكون الطبيب أكثر عبرة لأنه يمارس مهنة معترك الحياة مهنة المرض ومن عجائب الأمور التي عايشتها أن أطباء كثير يبتلون بنفس المرض الذين يعالجون الناس منه ثم هم يموتون به وفي ذلك والله عبرة لكل طبيب أن يتقي الله في مرضاه لأنهم لحم وعظم ودم ونفس وروح ومشاعر.
أذكر هنا بعض أوجه الفساد الممارسة من بعض الأطباء:
* التوجه في تشخيص المرض إلى استنزاف جيب المريض وتحميله ما ليس له طاقة به من سعر التكلفة في الكشفية والتحاليل والأشعات والأدوية والعمليات وأصبح أمر معلوم أن أي طبيب لا يكون سببًا في جلب إيرادات للمستشفى أو المستوصف غير مرغوب به فتوسيع دائرة التكاليف هدف مليء بالفساد.
* عدم الاهتمام بدقة التشخيص من دراسة الحالة المرضية بالتشاور مع آخرين أعلى منه والاستعجال بالرؤية الطبية إلى قرار نهايته خطأ طبي قد يؤدي بحياة المريض إلى الموت أو مزيد من المرض وهذا أكثر شيوعًا في المستشفيات الحكومية حيث الزبائن كثر.
* سوء التعامل مع المريض خاصة في حالة المستشفيات الحكومية حيث يكشف عليه وكأنه متفضل عليه وليس حقًا طبيعيًا لذلك يلجأ المريض إلى المستشفيات الخاصة وإذا كان الطبيب في الخاص من ذوي السمعة أو عايش على سمعة قديمة فأصبح الوضع عنده مزدحمًا فإنه يلجأ إلى رفع السعر والاستعجال في الكشف وعدم الإخلاص.
* أخذ مبالغ مالية إضافية غير مستحقة عند القيام بعملية في المستشفى الخاص ولا يبدأ العملية حتى يقبض ومن موقع ثقته بنفسه يعطي سند على ذلك ويقول: «بله واشرب مويته» لأن موضوعًا كهذا تطبع وأصبح عرفًا طبيًا ولا أراه إلا سحتًا لا بركة فيه وانتهازية بشعة ممن بيده مشرط الحياة.
إن فساد الأطباء ليس كأي فساد لأنه يتعلق بالنفس والروح والجسد، يتعلق بالإنسان الذي خلقه الله وكرمه ثم يكون هناك من يفسد عليه صحته بفساد الكشف عليه أو استغلاله وإرهاقه ماليًا ونفسيًا ناسيًا قسم قسمه وربًا خلقه (واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون).