منتجو المعرفة توجد بينهم بعضُ الفجواتِ ناهيك عن مستخدميها، ولعل الهدفَ منها لا يتحققُّ إلَّا من خلال إيصالها إلى المستفيدين منها، فضلاً عن تطبيقها على أرض الواقع. كلُّ هذا وغيرُه لا يتمُّ إلَّا من خلال التعاونِ المشتركِ بين المهنيين والباحثين ومنظمات المجتمع المدني وصانعي السياسات، وهي مهمة ليست صعبة المنال لو تم تنسيقُ بعضِ الجهود المبعثرة والخروجُ من دائرة التنظير إلى دائرة التطبيق وآلياته.
قد يستدعي هذا الأمرُ من تفعيل المعرفة عقدَ شراكاتٍ واتصالاتٍ شخصيةٍ بين الباحثين والمستفيدين من البحوث لبناء الثقةِ وتوطيدِ العلاقة.
كمثال مُبسَّط: هل في وسع الشركات الخدمية تحويلُ بعض المستهلكين لخدماتها من خصوم بسبب بعض الممارسات التعسفية التي يمارسها بعضها معهم والتي قد تنتهي بإيقاف الخدمة عن المستهلك أو إيقاف خدماته الإلكترونية الأخرى حتى يرضخَ للسداد؟!. من جانب آخر فإن بعضَ تلك الشركات لم تفصحْ عن أسبابِ ارتفاعِ تكاليفِ إيصالِ خدماتِها ولم تفصحْ عن أسباب إخفاقها في تخفيضِ مصاريفِها التشغيلية عبر العقود الماضية، ولكنها نجحتْ في تحميلها على المشتركين، ويسري هذا الأمرُ على عددٍ من الشركات التي تراجعتْ خدمات بعضها رغم وجود منافسين في الأسواق.
المستهلكُ للخدمات المذكورة آنفاً هو المستهدف، وكان لا بد من مشاركته في الدراسات والأبحاث، لأن في هذا الشأن ما يُعين صناعَ القرار على اتخاذ القرار الملائم، وفي ذلك تجسيرٌ للفجوة بين صُنَّاع القرار والباحثين.
في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى الرسائلِ العلميةِ لمنح درجتي الماجستير أو الدكتوراة في الجامعات السعودية أو في الخارج، والعديدُ منها كُتِبتْ لمعالجة قضايا متعددة تعودُ بالنفع على الوطن والمواطن، إلَّا أن معظمها حبيسةُ الأدراج ولم ترَ النور.
فهل تعيدُ المؤسساتُ والشركاتُ ذات العلاقة النظرَ في مُخرجاتها وتحددُّ رؤيتَها وفق دراساتٍ تحليليةٍ، تُقيِّم الموقفَ وتُشرك المستفيدين من خدماتِها في قراراتها، وصولاً إلى تقديمِ ما يتطلعون إليه من مُخرجات تقومُ على أساسٍ علمي يشعرُ من خلاله المواطنُ أنه جزءٌ أساسيٌّ من عمليةٍ إنتاجيةٍ تكامليةٍ تستهدفُ راحتَه وليس جيبَه فقط!!.