أخيراً، قُرَّت عيني بالتعامل مع أمينٍ مُختلِفٍ لجدّة، وأقصد الأخ صالح التركي، لا سيّما في تقبّله الحضاري لملاحظات الكُتّاب، وليس بالضرورة أن تكون الملاحظات مُصاغة على شكل مقال صحفي، بل حتّى عبر أثير الواتس آب الخاص بمعاليه!.
بيني وبينكم، ولا تقولوا ذلك للأمين، لم أعد أكتب مقالات في الجريدة عمّا يخصّ أمانة جدّة، سواءً بالنقْد أو بالثناء، إذ صِرْتُ أبعث ملاحظاتي له أوّلاً بأوّل على الواتس آب، وبكلّ أمانة لم أجد من الرجل انزعاجاً من رسائلي، ولم يعمل لي بلوك، بل العكس هو الصحيح، إذ يستقبل ويُرسِل، وأحياناً يتّصل ويستهلك دقائقه الثمينة في الحوار والنقاش!.
ولا أمدح نفسي، فمادحُ نفسه كذّاب، لكنّ استبدالي طريقة إيصال الرأي من المقال الصحفي ببريقه اللامع للواتس آب البعيد عن الصخب دليل على أنّني لا أبتغي البروبوقاندا الإعلامية من وراء الكتابات الصحفية عن جدّة وأمانتها، عكس كثيرٍ من الكُتّاب الذين يحبّون استعراض عضلاتهم في حضرة الأمانة التي ضعُف موقفها في السنوات الماضية جرّاء الكوارث التي حصلت بجدّة، والأخطاء التي اقترفها بعضُ مسئوليها الكبار، وكم أتمنّى أن تعود الأمانة في عهد التركي قويةً ومُبدِعة وخالية من دسم الأخطاء!.
من ناحية أخرى، جاء الاستبدال ليُريحني، فالمقال الصحفي يستلزم مجهوداً فكرياً كبيراً، ومراحل كتابة فيها كرّ وفرّ مثل كرّ وفرّ حصان امرئ القيس، ثمّ مراجعة من الجريدة، فإمّا اعتماد له وإمّا اعتذار عن النشر، بينما تكفّل الواتس آب بإيصال رؤيتي للأمين في ثوان، وبلا مقص رقيب، وقد يُعَقِّب هو عليها فوراً، وقد يُقرّر شيئاً ما بخصوصها، وينتهي الموضوع، ولا عزاء لدُوخة الجرائد!.
لكنّى أتمنّى ألّا ينقل الأمين عدوى الواتس آب لباقي المسئولين، ليس عيباً في الواتس آب، لكن خوفاً من اعتزالي الكتابة في الجرائد والتفرّغ للواتس آب الأخفّ وقعاً على المسئولين، ولو تفشّت هذه العدوى بين كلّ الكُتّاب مثل تفشّي كورونا حول العالم لخلت الجرائد من الكُتّاب، وهذه كارثة، فالجرائد الورقية تُعاني من أوضاعها المالية، وليست ناقصة هجرة كُتّابِها من منصّتها الورقية إلى وسائل التواصل الإلكترونية التي طغت عليها طغياناً مُبيناً!.
شكراً للأمين على الثقة الواتس آبيّة، وجدّة عروس فقدت بعض شبابها، وتبحث عن مغامِرٍ يُعيده لها، فليته يكون معها مثلما قال أبو الطيّب المُتنبّي:
إذا غامرْتَ في شرفٍ مروم.. فلا تقنع بما دون النجوم!.
يا ليت!.